Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 89, Ayat: 15-30)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وأما قوله : { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } [ آية : 15 ] نزلت الآية في أمية بن خلف الجمحي ، وعبدالله بن نفيل ، أتاه يأمره بالمعروف ، وينهاه عن المنكر ، ويذكره ذلك ، فقال : له أمية بن خلف : ويحك أليس الله يقول : { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 11 ] ، قال عبدالله بن نفيل : نعم ، فما له أغنانى وأفقرك ؟ قال : كذلك أراد الله ، قال أمية : بل أغنانى الله لكرامتى عليه ، وأفقرك لهوانك عليه ، قال عبدالله بن خطل عند ذلك : لخليق أن يكون الله فعل ذلك ، فأنزل الله تعالى : { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ } [ آية : 16 ] قال : يقول : كلا ما أغنيت هذا الغنى لكرامته ، ولا أفقرت هذا الفقير لهوانه علي ، ولكن كذلك أردت أن أحسن إلى هذا الغنى في الدنيا ، وأهون على هذا الفقير حسابه يوم القيامة ، ثم قال في سورة أخرى : { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } [ الشرح : 5 ، 6 ] يقول : ليس من شدة إلا بعدها رخاء ، ولا رخاء إلا بعده شدة . ثم انقطع الكلام ، ثم ذكر أمية بن خلف الجمحي ، وذكر مساوئه ، فقال : { كَلاَّ } ما الأمر كما قال أمية بن خلف { بَل } يعني لكن { لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } [ آية : 17 ] { وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } [ آية : 18 ] لأنهم لا يرجون بها الآخرة { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً } [ آية : 19 ] يعني تأكلون الميراث أكلا شديداً { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } [ آية : 20 ] ويجمعون المال جمعاً كثيراً ، وهي بلغة مالك بن كنانة ، ثم قال : { كَلاَّ } ما يؤمنون بالآخرة وهو وعيد ، وأما قوله : { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } [ آية : 21 ] يعني إذا تركت فاستوت الجبال مع الأرض الممدودة . ثم قال : { وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } [ آية : 22 ] وذلك أنه تنشق السماوات والأرض ، فتنزل ملائكة كل سماء ، وتقوم ملائكة كل سماء على حدة ، فيجىء الله ، تبارك وتعالى ، كما قال : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } [ الأنعام : 158 ] ، وكما قال : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } [ البقرة : 210 ] قياماً صفوفاً ، قال : { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } يجاء بها من مسيرة خمس مائة عام عليها سبعون ألف زمام على كل زمام سبعون ألف ملك ، متعلقون بها يحبسونها عن الخلائق ، وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق ، فإذا تكلم أحدهم تناثرت من فيه النار من فيه بيد كل ملك منهم مرزبة ، عليها ألفاً وسبعون رأساً كأمثال الجبال ، وهي أخف في يده من الريش ، ولها سبعة رءوس كرءوس الأفاعي ، وأعينهم زرق ، تنظر إلى الخلائق من شدة الغضب ، تريد أن تنفلت على الخلائق من غضب الله عز وجل ، ويجاء بها حتى تقام على ساق . ثم قال : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } يعني أمية بن خلف الجمحي إذا عاين النار والملائكة ، ثم قال : { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } [ آية : 23 ] يعني ومن أين له التذكرة في الآخرة ؟ وقد كفر بها في الدنيا ، ثم قال يخبر عن حالهم ، ما يقولون في الآخرة إذا عاينوا النار ، فقال : { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [ آية : 24 ] في الدنيا لآخرتي يقول الله تعالى { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ } أي لا يعذب كعذاب الله { أَحَدٌ } [ آية : 25 ] يعني ليس أعظم من الله تعالى سلطانه على قدر عظيمته ، وعذابه مثل سلطانه ، ثم قال : { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [ آية : 26 ] يعني ولا يوثق كوثاق الله عز وجل . قوله : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } [ آية : 27 ] يعني المطمئنة بالإيمان { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً } لعملك { مَّرْضِيَّةً } [ آية : 28 ] بما أعطاك الله عز وجل من الخير والجزاء { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } [ آية : 29 ] يعني في رحمتى { وَٱدْخُلِي } من رحمتي في { جَنَّتِي } [ آية : 30 ] نظيرها في طس النمل ، قول سليمان بن داود ، عليهما السلام : { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } [ النمل : 19 ] نزلت هذه الآية في حبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة ، وجعلوا وجهه نحو المدينة ، فقال : اللهم إن كان لي عندك خير ، فحول وجهي نحو قبلتها ، فحول الله عز وجل وجهه نحو هذه القبلة من غير أن يحوله أحد ، فلم يستطيع أن يحوله عنها أحد . حدثنا عبدالله بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنال الهذيل ، قال : حدثنا مقاتل بن سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبدالله بن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " خلق الله السماء الدنيا من ماء حرج مكفوف ، والثانية من حديد ، والثالثة من فضة ، والرابعة من شبه ، والخامسة من ذهب ، والسادسة من ياقوتة حمراء ، والسابعة من نور عليها ملائكة من نور قيام صفاً صفاً " ، فذلك قوله : { وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } [ الصافات : 1 ] ، فهم أهل السماء السابعة .