Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 111-115)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم رغب الله في الجهاد ، فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ } يعني بقية آجالهم : { وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ } العدو ، { وَيُقْتَلُونَ } ، ثم يقتلهم العدو ، { وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } حتى ينجز لهم ما وعدهم ، يعني ما ذكر من وعدهم في هذه الآية ، وذلك أن الله عهد إلى عباده أن من قتل في سبيل الله فله الجنة ، ثم قال : { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } ، فليس أحداً أوفى منه عهداً ، ثم قال : { فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } الرب بإقراركم ، { وَذَلِكَ } الثواب { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ آية : 111 ] ، يعني النجاء العظيم ، يعني الجنة . ثم نعت أعمالهم ، فقال : { ٱلتَّائِبُونَ } من الذنوب ، { ٱلْعَابِدُونَ } ، يعني الموحدين ، { ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ } ، يعني الصائمين ، { ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ } في الصلاة المكتوبة ، { ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } ، يعني بالإيمان بتوحيد الله ، { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } ، يعني عن الشرك ، { وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } ، يعني ما ذكر في هذه الآية لأهل الجهاد ، { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 112 ] ، يعني الصادقين بهذا الشرط بالجنة . { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } إلى آخر الآية ، وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل بعدما افتتح مكة : أي أبويه أحدث به عهداً ؟ ، قيل له : أمك آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، قال : حتى أستغفر لها ، فقد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ، فهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " ، فأنزل الله عز وجل : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ } ، يعني ما ينبغي للنبي { وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } { وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا } كانوا كافرين فـ { تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [ آية : 113 ] حين ماتوا على الكفر ، نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلي بن أبى طالب ، عليه السلام . فقد استغفر إبراهيم لأبيه وكان كافراً ، فبين الله كيف كانت هذه الآية ، فقال : { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ } ، وذلك أنه كان وعد أباه أن يستغفر له ، فلذلك استغفر له ، { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ } لإبراهيم { أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ } حين مات كافراً ، لم يستغفر له ، و { تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ } ، يعني لموقن بلغة الحبشة ، { حَلِيمٌ } [ آية : 114 ] ، يعني تقي زكي . { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ } ، وذلك أن الله أنزل فرائض ، فعمل بها المؤمنون ، ثم أنزل بعدما نسخ به الأمر الأول فحولهم إليه ، وقد غاب أناس لم يبلغهم ذلك ، فيعملوا بالناسخ بعد النسخ ، وذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا نبي الله ، كنا عندك والخمر حلال ، والقبلة إلى بيت المقدس ، ثم غبنا عنك ، فحولت القبلة ولم نشعر بها ، فصلينا إليها بعد التحويل والتحريم ، وقالوا : ما ترى يا رسول الله ، فأنزل الله عز وجل : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ } المعاصي ، يقول : ما كان الله ليترك قوماً حتى يُبَيّن لهم ما يتقون حين رجعوا من الغيبة ، وما يتقون من المعاصي ، { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ آية : 115 ] من أمرهم بنسخ ما يشاء من القرآن ، فيجعله منسوخاً ويقر ما يشاء فلا ينسخه .