Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 60-66)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن أبي الخواص ، أن غير أبي الخواص أحق منه بالصدقة ، وبين أهلها ، فقال : { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ } الذين لا يسألون الناس { وَٱلْمَسَاكِينِ } الذين يسألون الناس ، { وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا } يعطون مما جبوا من الصدقات على قدر ما جبوا من الصدقات ، وعلى قدر ما شغلوا به أنفسهم عن حاجتهم ، { وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } يتألفهم بالصدقة ، يعطيهم منها ، منهم : أبو سفيان ، عيينة بن حصن ، وسهل بن عمرو ، وقد انقطع حتى المؤلفة اليوم ، إلا أن ينزل قوم منزلة أولئك ، فإن أسلموا أعطوا من الصدقات ، تتألفهم بذلك ليكونوا دعاة إلى الدين ، { وَفِي ٱلرِّقَابِ } ، يعني وفى فك الرقاب ، يعني أعطوا المكاتبين ، { وَٱلْغَارِمِينَ } ، وهو الرجل يصيبه غرم في ماله من غير فساد ولا معصية ، { وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، يعني في الجهاد ، يعطي على قدر ما يبلغه في غزاته ، { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } ، يعني المسافر المجتاز وبه حاجة ، يقول : { فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ } لهم هذه القسمة ؛ لأنهم أهلها ، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بأهلها ، { حَكِيمٌ } [ آية : 60 ] حكم قسمتها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحل الصدقة لمحمد ، ولا لأهله ، ولا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي " ، يعني القوي الصحيح ، " وكان المؤلفة قلوبهم ثلاثة عشر رجلاً ، منهم : أبو سفيان بن حرب بن أمية ، والأقرع بن حابس المجاشعي ، وعيينة بن حصن الفزاري وحويطب بن عبد العزى القرشي ، من بني عامر بن لؤي ، والحارث بن هشام المخزومي ، وحكيم بن حزام ، من بني أسد بن عبد العزى ، ومالك بن عوف النضري ، وصفوان بن أمية القرشي ، وعبد الرحمن بن يربوع ، وقيس بن عدي السهمي ، وعمرو بن مرداس والعلاء بن الحارث الثقفى ، أعطى كل رجل منهم مائة من الإبل ليرغبهم في الإسلام ويناصحون الله ورسوله ، غير أنه أعطى عبد الرحمن بن يربوع خمسين من الإبل ، وأعطى حويطب بن عبد العزى القرشي خمسين من الإبل ، وكان أعطى حكيم بن حزام سبعين من الإبل ، فقال : يا نبي الله ، ما كنت أرى أن أحداً من المسلمين أحق بعطائك مني ، فزاده النبي صلى الله عليه وسلم فكره ، ثم زاده عشرة ، فكره ، فأتمها له مائة من الإبل ، فقال حكيم : رسول الله ، عطيتك الأولى التى رغبت عنها ، أهي خير أم التي قنعت بها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الإبل التى رغبت عنها ، فقال : والله لا آخذ غيرها ، فأخذ السبعين ، فمات وهو أكثر قريش مالاً ، فشق على النبي صلى الله عليه وسلم العطايا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأعطي رجلاً وأترك آخر ، وإن الذي أترك أحب إليَّ من الذي أعطى ، ولكن أتألف بالعطية ، وأوكل المؤمن إلى إيمانه " . { وَمِنْهُمُ } ، يعني من المنافقين ، { ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ } صلى الله عليه وسلم ، منهم : الجلاس بن سويد ، وشماس بن قيس ، والمخش بن حمير ، وسماك بن يزيد ، وعبيد بن الحارث ، ورفاعة بن زيد ، ورفاعة بن عبد المنذر ، قالوا ما لا ينبغي ، فقال رجل منهم : لا تفعلوا ، فإنا نخاف أن يبلغ محمداً فيقع بنا ، فقال الجلاس : نقول ما شئنا ، فإنما محمد أذن سامعة ، فنأتيه بما نقول ، فنزلت في الجلاس : { وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم : { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ، يعني يصدق المؤمنين ، { وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } ، يقول : محمد رحمة للمؤمنين ، كقوله : { رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] ، يعني للمصدقين بتوحيد الله : { رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ آية : 61 ] يعني وجيع . { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ } بعد اليوم ، منهم : عبد الله بن أبي ، حلف ألا نتخلف عنك ، ولنكونن معك على عدوك ، { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } ، فيها تقديم ، { إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } [ آية : 62 ] يعني مصدقين بتوحيد الله عز وجل . { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } ، يعني المنافقين ، { أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، يعني يعادي الله ورسوله ، { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا } لا يموت ، { ذٰلِكَ } العذاب { ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } [ آية : 63 ] . قوله : { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ } ، نزلت في الجلاس بن سويد ، وسماك بن عمر ، ووداعة بن ثابت ، والمخش بن حمير الأشجعى ، وذلك أن المخش قال لهم : والله لا أدري إني أشر خليقة الله ، والله لوددت أني جلدت مائة جلدة ، وأنه لا ينزل فينا ما يفضحنا ، فنزل : { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ } { أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ } ، يعني براءة ، { تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } من النفاق ، وكانت تسمىالفاضحة ، { قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ } مبين { مَّا تَحْذَرُونَ } [ آية : 64 ] . { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } ، وذلك حين انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من غزاة تبوك إلى المدينة ، وبين يديه هؤلاء النفر الأربعة يسيرون ، ويقولون : إن محمداً يقول إنه نزل في إخواننا الذين تخلفوا في المدينة كذا وكذا ، وهم يضحكون ويستهزءون ، فأتاه جبريل ، فأخبره بقولهم ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عماراً أنهم يستهزءون ويضحكون من كتاب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنك إذا سألتهم ليقولن لك : { إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } فيما يخوض فيه الركب إذا ساروا ، قال : فأدركهم قبل أن يحترقوا فأدركهم ، فقال : ما تقولون ؟ قالوا : فيما يخوض فيه الركب إذا ساروا ، قال عمار : صدق الله ورسوله ، وبلغ الرسول ، عليه السلام ، عليكم غضب الله ، هلكتم أهلككم الله . ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه ، فقال المخش : كنت أسايرهم والذى أنزل عليك الكتاب ما تكلمت بشىء مما قالوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينههم عن شىء مما قالوا ، وقبل العذر ، فأنزل الله عز وجل : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } ، يعني ونتلهى ، { قُلْ } يا محمد : { أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } [ آية : 65 ] ، استهزءوا بالله لأنهما من الله عز وجل . { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ } ، يعني المخش الذي لم يخض معهم ، { نُعَذِّبْ طَآئِفَةً } ، يعني الثلاثة الذين خاضوا واستهزءوا { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } [ آية : 66 ] ، " فقال المخش للنبي صلى الله عليه وسلم : وكيف لا أكون منافقاً واسمي وأسمائي أخبث الأسماء ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ، قال : المخش بن حمير الأشجعي حليف الأنصار لبني سلمة بن جشم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنت عبد الله بن عبد الرحمن " ، فقتل يوم اليمامة .