Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 11-14)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الطغيان : مجاوزة الحد في الشر : يعمهون : يترددون في حيرتهم وضلالهم . القرون : جمع قرن ويطلق على كل مائة سنة ، وفي كتب اللغة اختلاف كبير في تحديده . خلائف : جمع خليفة وهو من يخلف غيره . { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } . لو أجاب اللهُ ما يستعجِلُ به الناسُ على أنفسِهم من الشرّ مثلَ استعجالِهم لِطلبِ الخير لأَهَلَكَهُم جميعا ، ولكنّه يتلطّف بهم ، فيرجئُ هلاكَهم ، انتظاراً لما يظهر منهم حسب ما علمه فيهم ، فّتتضح عدالتُه في جزائهم . وفي هذه الآية جواب لمشركي مكة الذين قالوا : اللهمّ إن كان ما يقولُ محمد حقّا في ادّعاء الرسالة فأَمطْر علينا حجارة من السماء . لقد استعجلوا وقوعَ الشر ، كما يستعجلون الخير ، ولكنّ الله أخّرهم الى ما أراده . { فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } . إننا ندعُ لا يتوقّعون لقاءَنا فيما هم فيه من طغيان في الكفر والتكذيب ، يتردّدون فيه متحيّرين لا يهتدون سبيلاً للخروج منه . قراءات : قرأ ابن عامر ويعقوب : " لقَضى اليهم أجلهم " بفتح القاف والباقون " لقُضي اليهم أجلهم " بضم القاف . { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً } . واذا أصاب الانسانَ ضررٌ في نفسه او مالِه او نحوِ ذلك أحسَّ بضعفه ، ودعا ربَّه على أي حال من أحواله : مضجِعاً لجنْبه ، او هو قاعد ، أو قائم على قدميه ، حائراً في أمره - دعاه ان يكشف ما نزلَ به من مِحنته . { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } . فلما استجاب الله له ، فكشف عنه ضره وأزال عنه السوء ، انصرف عن جانبِ الله ، مضى في طريقِه واستمرَّ على عصيانه ونسيَ فضلَ الله عليه ، كأن لم يصبْه ضرر ، ولم يدعُ الله ليكشفَه عنه . { كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . وكمثلِ هذا المسْلك زُيَّن الشيطانُ للمشركين من طغاةِ مكّة وغيرِهم ما كانوا يعملون من سوءٍ وكفرٍ وعناد ، وما اقترفوه من باطل . { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } . بيّن هنا ما يجري مجرى التهديد ، وهو أنه تعالى يُنزل بهم عذابَ الاستئصال كما حدَث للأمم الغابرة قبلَهم حتى يكون ذلك رادعاً لهم عن هذا الطلب . ولقد أهلكْنا كثيراً من الأمم السابقة قبلكم بسبب كفِرهم حين جاءتهم رسُلهم بالآياتِ الواضحة على صِدق دعوتِهم الى الإيمان ، وما كان في عِلم الله أنهم سيؤْمنون ، لإصرارهم على الكفر والعصيان . فاعتبِروا يا كفّارَ قريش ، فكما اهلكنا مَن قبلكم ، سنجزي المجرمين بإهلاكهم . { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } . ثم جعلناكم يا امة محمد خلفاء الأرض ، تعمرُونها من بعدِ هؤلاء السابقين ، لنختبركم ونرى ماذا تعملون في خلافتكم فنجازيكم به بمقتضى سُنّتنا فيمن قبلكم . وهذا واضح في ان هذه الخلافة منوطةٌ بالأعمال الصالحة والاستقامة والعدل والاحسان ، حتى لا يغترَّ إنسان بما سيناله من مُلك او ولاية . وهذا كما قال تعالى : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [ النور : 55 ] .