Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 5-10)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضوء والضياء : النور . والضوء اقوى من النور ، لان الضوء من الشمس ذاتها ، والنور في القمر مستمد من الشمس . قدّره منازل : جعله يتنقل بينها وهي ثمانية وعشرون منزلا . غافلون : ناسون ، الغفلة النسيان . آخر دعواهم : آخر دعائهم . بعد ان ذكر الله الآيات الدالةَ على وجوده ، ومنها خلقُ السماواتِ والأرض على ذلك النظام المحْكَم ، ذَكَر هنا أنواعاً من آياته الكونية الدالة على ذلك . وهو تفصيلٌ لما تقدّم وبيان له على وجه بديع واسلوب عجيب . { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً } . إن ربكم هو الذي خلق السماواتِ والأرضَ وهذا الكونَ العجيب ، وفيه جعل الشمس تشع ضياء ، والقمر يرسل نورا . { وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ } . وجعل للقمر منازلَ عددُها ثمانية وعشرون يتنقل فيها ، فيختلف نورُه تبعاً لهذه المنازل ، وذلك لتستعينوا به في تقدير مواقيتكم ، وتعلموا عدَد السنين والحساب ، فتحسِبوا الأشهرَ والأيام وتضبطوا فيها مواعيدَكم وعباداتكم ومعاملاتكم . { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } . وما خلق الله ذلك إلا بالحكمة ، وهو هنا يبيّن الدلائل ويبسط الآياتِ الدالةَ على ألوهّيته وكمالِ قدرته لِقومٍ يتدبرون بعقولهم . وقد قررت هذه الآيةُ الحقيقةَ العلمية التي لم يصل إليها العلم الا أخيراً ، وهي ان الشمس جِرم ملتهب ، ومصدرُ الطاقات ، ومنها الضوء والحرارة ، بينما القمر جِرم مظلم غير ملتهب . أما النور الذي يبدو منه فهو مستَمدٌّ من الشمس . ولذا عبّر الله تعالى عن الشمس بأنها ضِياء ، يعين مصدراً للضوء ، وأن القمر نورٌ منير فقط . كذلك اشارات الآيةُ الى حقيقة فلكية ، وهي ان القمرَ يدور حول الأرض ، فيحتل مكاناً خاصّا بالنسبة لها في كل يوم . وهو يُتم دورتَهُ في الشهر القمري ، وبه تُعلم السنة القمرية . وعلى ذلك يمكن بطريق الرؤية الحِسْبَةُ لِمنازله ومعرفة السنين وحساب الأشهر . قراءات : قرأ ابن كثير برواية قنبل : ضِئاء بالهمزة . والباقون بالياء . وقرأ ابن كثير وأهلُ البصرة وحفص : " يفصّل الآيات " بالياء والباقون : " نفصل " بالنون . { إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } . ان في تعاقب الليل والنهار واختلافهما بالزيادة والنقصان ، وفي خلق السماوات والأرض وما فيهما من الكائنات ، لدلائلَ عظيمةً وبراهينَ بيّنة على وجود الصانع ، وألوهيته ، وقدرته لقومٍ يتّقون مخالفةَ سُننه تعالى . وتشير هذه الآية الى حقيقةٍ مشاهَدة ، وهي اختلاف طول الليل والنهار على مدار العام في أي مكان على الأرض ، وكذلك تعاقُب النهار والليل وكون النهار مبصراً ، والليل مظلما . وتفسير ذلك أساسه دورانُ الأرض حول محورها وحول الشمس . وكل هذه دلائلُ على قدرة الخالق المبدِع ، والعلمُ بها لم يكن البتّةَ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا دليل على انه وحيٌ من الله إليه . { إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } . لا يرجون لقاءنا : لا يريدون ، لا يأملون ، لا يتوقعون . ان الذين لا يتوقّعون لقاءَ الله في اليوم الآخر ، إذا اعقتدوا أن الحياةَ الدينا هي منتهاهم ليس بعدها حياة ، فقَصَروا كل همِّهم على الحصول على أغراضهم منها ، واطمأنوا الى ذلك ، ولم يعملوا لما بعدها ، والّذين غفلوا عن آيات الله الدالة على البعث والجزاء - أولئك مأواهمُ النارُ بما كانوا يكسِبون . { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } . ذلك جزاءُ الفريق المنحرِف الضال ، اما الفريق المقابلُ وهم الذين آمنوا إيماناً صحيحا ، وعملوا الصالحات في دنياهم بمقتضى هذا الايمان ، فإن ربهم يثبتهم على الهداية ، ويُدخلهم يوم القيامة جناتٍ تجري الأنهار خلالها ، يتنعمون خالدين فيها ابدا . { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } . ليس في دار النعيم هموم ولا شواغل ، فهم يتلذّذون بالدعاء الى الله وتسبيحه ، وتنزيهه عما كان يقوله الكافرون في الدنيا ، ونياجونه بقولهم : سبحانك اللهُمّ ، ويحيّي بعضم بعضا بالسلام ، فهي تحية المؤمنين . وآخرُ كل دعاءٍ يناجون به ربَّهم ، ومطلب يطلبونه من احسانه وكرمه قولهم : " الحمد لله رب العالمين " على توفيقه إياهم بالايمان وفوزهم برضوانه عليهم .