Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-30)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لا يرهق وجوههم : لا يغشيها ولا يغطيها . قتر : دخان ساطع الذلة : الهوان . العاصم : المانع . فزيلنا بينهم : فرقنا وميزنا بينهم . بعد أن بيّن الله تعالى في المثل الذي ضربَه غرور المشركين الجاهلين بمتاع الدنيا الزائل ، ودعا الناس جميعا الى نشدان السعادة الأبدية - عقّب هنا ببيان حال المحسنين والمسيئين ، وما أعدّ لكلٍ منهم في الآخرة فقال : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } . للذين احسنوا اعمالهم في الدنيا ، المنزلة الحسنى في الآخرة وهي الجنة ، ولهم زيادة على ذلك فضلاً من الله وتكريما ، كما قال تعالى : { وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ } [ النساء : 173 ] ، [ النور : 38 ] ، [ فاطر : 30 ] ، [ الشورى : 26 ] . وقد فسّر تلك الزيادة عدد من الصحابة والتابعين برؤية الله ، روى ذلك الإمام أحمد في مُسْنَده ، ومسلمُ في صحيحه . { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . لا يغشى وجوههم كآبة من هّمٍ أو ذُل ، وهؤلاء هم اهل الجنة ينعمون فيها دائما . { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } . أما الذين لم يتسجيبوا لدعوة الله ، فكفروا وعصَوا أمر ربهم ، فسيُجْزَون بمثل ما عملوا من سوء . { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } . وتغشاهم ذلة الفضيحة والهوان ، وليس لهم مانع يمنعهم من عذاب الله . { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . وجوهُهم مسودّةٌ عليها الغمُّ والكآبة كأنما أُسِدل عليها سوادٌ من ظلمة الليل ، أولئك أهلُ النار هم فيها خالدون . قراءات : قرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب : " قطْعا " بسكون الطاء والباقون " قِطَعا " . ثم بيّن الله ما ينال المشركين يوم الحشْر من التوبيخ والخزي بقوله تعالى : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ } . اذكُر أيها الرسول هول الموقف يوم نجمعُ الناس كافة ، الذين أحسَنوا والذين أساءوا ، ثم نقول لمن أشرك منهم : الزَموا مكانكم أنتم وشركاؤُكم لا تبرحوه حتى تنظُروا ما يُفعل بكم . { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } . فرّقنا بين المشرِكين والشركاء ووقعتْ بينهم الفُرقة . { وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } . أيْ تبرّأ الشركاء من الذين عبدوهم ، وقالوا لهم : إنكم ما كنتم تعبدوننا ، بل كنتم تعبدون أهواءكم وشياطينكم . { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } . تكفينا شهادةُ الله ، واللهُ يعلم أنّنا ما أمرنْاكم بذلك ، وما أردنا عبادتكم لنا ، ولا نعلم بها ابدا . { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } . هنالك في موقف الحساب تُختَبَر كلُّ نفسِ فتعلم ما قدّمت من خيرٍ أو شّرٍ وتلقى جزاءه ، وأُرجِعوا الى الله ربِّهم الحق ، وتكشَّف الموقفُ عن ربٍّ واحدٍ يرجع اليه الجميع ، ولم يجد المشركون شيئاً مما كانوا يفترونه على الله . قراءات : قرأ حمزة والكسائي : " هنالك تتلوا " بتاءين من التلاوة يعني تقرأ ما عملت ، او تتلو تتبع عملها فيقودها الى الجنة او الى النار .