Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 48-56)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . ويقول كفار قريش للرسول الكريم : متى يكون هذا الذي تَعِدُنا به من العذاب ان كنت ومن معك صادقن فيما تؤمنون به ! ؟ { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } . قل لهم أيها الرسول : إنّي بَشَرٌ مثلكم ، لا أمِلك لنفسي خيرا ولا شرا ، الا ما قدّرني الله عليه . { لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } . ان لكل امةٍ من الأمم فترة حدّدها الله ، فإذا جاءت تجدهم لا يتسطيعون التأخر عنها ، ولا سْبقَها . فإذا كان الرسول الكريم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعاً ، فكيف يملكه لغيره ، بل كيف يملَك غيره لنفسه ! ان الأمر لله يحقق وعيده في الوقت الذي يشاء ، والأجلُ قد ينتهي بالهلاك الماديّ كما وقع لبعض الأمم السابقة ، وقد ينتهي بالهلاك المعنوي ، اي الهزيمة والضياع . والأمة الاسلامية بانحرافها عن دينها وخلقها قد انهزمت ولا يمكن ان تعود الى مجدِها وعزها بدون الرجوع الى الله . { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ } . قل ايها الرسول لهؤلاء المكذبين المستعجِلين وقوع العذاب : أخبروني إن وقع بكم عذاب الله ليلاً او نهاراً ، فأيّ فائدة تحصُلون عليها من استعجالكم إياه ! ، وأي عذاب تستعجلون ؟ عذاب الدنيا ، أم عذابِ الآخرة ! ؟ { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ } . ثم اذا حل بكم ، هل تؤمنون به حين لا ينفع الايمان ؟ { الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } . عند ذاك يقال لكم على سبيل التوبيخ : الآن آمنتم به اضطرارا ، وقد كنتم تستعجلونه في الدنيا ! ! . { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } يومئذ يقال للذين ظلموا أنفسَهم بالكفر والتكذيب : يا هؤلاء ، الآن ذوقوا العذاب الدائم . { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } . إنكم اليوم لا تُجزون إلا على أعمالِكم في الدنيا ، ونحن لن نظلمكم شيئاً . { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } . ويسألونك ايها الرسول ان تخبرهم عن هذا العذاب الذي تعِدُهم به في الدنيا والآخرة ، ويقولون : يا محمد ، أحقّ أنه سيقع ؟ فقل لهم : نعم ، أُقسِم لكم بِربّي إنه حاصلٌ لا شك فيه . { وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ } . وفي تلك اللحظة من ذلك اليوم لو ان لكل نفس كفَرت بالله جميعَ ما في الأرض لافتدَت به من عذابها لو تستطيع ، وذلك لما تراه من عذاب يوم القيامة . { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . ولما رأوا العذابَ أخفَوا ندمَهم لعجزِهم عن النطق ، ولشدة ما دهاهم من الفَزع ، ونَفَذ فيم قضاءُ الله . وهم غير مظلومين في هذا الجزاء لأنه نتيجةٌ لما قدّموا في الدنيا . ثم أتبعَ الله ما تقدّمَ بالدليل على قدرته على نفاذِ حُكمه وإنجاز وعده ، فقال . { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } . فلْيتذكّر من نَسِيَ او جَهِلَ وغَفَلَ ان الله وحدَه يملك جميع ما في هذا الكون يتصرف فيه كيف يشاء . ثم اكد ما سَلَف بقوله : { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } . وليعلموا أن وعدَه حق ، فلا يُعجِزُه شيء ، ولكن اكثرَ الكفار قد غرَتْهم الحياةُ الدنيا فباتوا لا يعلمون ذلك حق اليقين . ثم أقام الدليلَ على قدرته على ذلك فقال : { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . والله تعالى يَهبُ الحياةَ بعد عدَم ، ويسلبُها بعد وجود ، ثم إليه المرجِعُ في الآخرة حين يُحييكم بعد موتكم ويحشُركم اليه للحساب والجزاء .