Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 74-82)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نطبع على قلوب المعتدين : نختمها ونغلقها . الملأ : أشراف القوم . لتلفتنا : لتصرفنا . { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } . ثم أرسلنا من بعدِ نوحٍ رسُلا آخرين ، مبشِّرين ومنذِرين ، ومعهم الدلائلُ والمعجِزات لكن أقوامهم رفضوا أن يصدّقوا ويذعنوا ، واصّروا على موقفهم ، فلم ينتفعوا بتعاليم الرسل الكرام . { كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ } . وعلى مثل هذه الصورة اغلق الله قلوب الكافرين المعتدين عن الإيمان وطبع الباطل عليها ، فتحجّرت ولم تعدْ صالحة للهداية ابدا . { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } . ثم أرسلْنا من بعد اولئك الرسل موسى وأخاه هارون إلى فرعونِ مصر وخاصّتِه وأشراف قومه ، فاستكبروا عن متابعة الرسولين في دعوتِهما ، ورفضوا إلا ان يكونوا مجرمين . { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } . وحين ظهر لهم الحقُّ من عند الله على يدِ موسى ، قالوا عن معجزته إنّها مجرد سحر مؤكد . { قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ } . قال لهم موسى مستنكرا : أتصِفُون الحقَّ الّذي جئتكم به من عندِ الله أنه سِحْر ؟ كذبتُم . وثِقوا أنه لن يفوز الساحرون أبدا . وبعد أن أفحمهم موسى بحجّته كشفوا عن حقيقة الدوافع التي تصدّهم عن الايمان بالله ، ألا وهي الخوف من تحطيم معتقداتهم الموروثة ، وضَياع مصالحهم . { أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } . قال فرعون وقومه لموسى : لقد جئتَ إلينا لتصرِفنا عن دينِ آبائنا وتقاليد قومنا ، لكم نصيرَ لكما أتباعاً ويكون لك ولأخيك المُلك والعظَمة والرياسة ! ؟ ولقد كان زعماء قريشٍ يدركون ما في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم من صدق وسموّ ، وما في عقيدة الشِرك من فساد وخرافات ، لكنهم كانوا يخافون على مكانتهم الموروثة ومصالحهم الذاتية ، كما خشيَ الملأُ من قومِ فرعونَ مثل ذلك ، فقالوا : " وما نحن لكما بمؤمنين " . { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } . وظن فرعونُ أن موسى وأخاه ساحران ، والسَحَرةُ عنده كثيرون ، فأمر رجاله ان يُحضروا له كل ساحر عظيم في مملكته . { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } . ولما حضرَ السَحَرة ووقفوا أمام القوم لمنازلة موسى قال لهم : هاتُوا ما عندَكم من فنُون السِحْر . { فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } . فلما ألقَوا حِبالهم وعصيَّهم وجعلتْ تسعى كأنها الأفاعي ، قال لهم موسى : إن الذي فعلتموه هو السِحر حقا ، وهو خيالٌ لا حقيقة فيه ، واللهُ تعالى سبُطلِهِ على يدي ، فهو لن يجعلَ عملَ المفسدين صالحاً للبقاء ، بل يزيلُه ويمحقه . { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } . ويثّبت الله الحقّ الذي فيه صلاح الخلْق وينصرُه ، ولو كره ذلك كل مجرم . قراءات : قرأ حمزة والكسائي " بكُلِّ سحار " على صيغة المبالغة ، والباقون " بُكّلِ ساحر " وقرأ ابو عمرو : " ما جئتم به آلسحر " بالاستفهام والباقون : " السحرُ " .