Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 116-119)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فلولا : فهلا القرون : جمع قرن ، الجيل من الناس وشاع تقديره بمائة سنة . اولو بقية : ما يبقى من اهل الصلاح والعقل . ما اترفوا فيه : ما تنعموا فيه من ملذات الدنيا فافسدتهم وابطرتهم . وتمت كلمة ربك : قضاؤه وأمره . { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ } . فهلاَّ وجد هناك من أهل القرون التي كانت قبلكم جماعةٌ اصحابُ شيء من العقل او الرأي والصلاح ينهون قومهم عن الفساد في الأرض . { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } . ولكن كان هناك نفَر قليل من المؤمنين لم يُسمع لهم رأي ولا توجيه ، فأنجاهم الله مع رسلهم . أما الظالمون المعانِدون فقد تمسّكوا بما رزقناهم من أسباب الترف والنعيم فبطِروا واستكبروا وصدّوا عن سبيل الله ، وكانوا بذلك مجرمين . ثم بين الله تعالى ما يحول بين الأمم وإهلاكها فقال : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } . ما كان من سنة الله ، ولا من عدله في خَلقه ، ان يظلم أمةً من الأمم فيهلكها وهي متمسكة بالحق ، ملتزمة الفاضئل . وهذا هو العدل من احكم الحاكمين . { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } . لو شاء ربك ايها النبيّ لجعلَ الناس على دينٍ واحد ، مطيعين الله بطبيعة خلْقتهم ، كالملائكة ، ولكان العالَم غير هذا العالم ، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك ، بل خلقهم مختارين كاسِين ، وجعلهم متفاوتين في الاستعداد وكسب العلم ، وهم لا يزالون مختلفين في كل شيء حتى في اصول العقائد ، تبعا لميولهم وشهواتهم وتفكيرهم . { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } . لا يزالون مختلفين في شئونهم الدنيوية والدينية ، الا من رحم الله منهم لسلامة فِطَرهم ، فانهم اتفقوا على حكم الله فيهم ، فآمنوا بجميع رسله وكتبه واليوم الآخر . ولهذه المشيئة التي اقتضتها حكمته تعالى في نظام هذا الكون ، خلَقهم مستعدّين لهذا الاختلاف ليرتب على ذلك استحقاق الثواب والعقاب . { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } . ولقد سبق في قضائه وقدَره وحكمته النافذة ، أن يملأ جهنم من اتباع ابليس من الجن والناس من الذين ظلموا ولا يهتدون .