Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 18-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الأشهاد : جمع شاهد . الذين يصدون عن سبيل الله : الذين يصرفون الناس عن الدين . يبغونها عوجا : يريدونها ملتوية معوجة . لا جرم : حقا . واخبتوا : خشعوا واطمأنوا . بعد ان بين الله ان الناس فريقان : فريق يريد الدنيا وزينتها ، وفريق مؤمن بربه وبرسالة رسوله الكريم ، ذكر هنا بيان حال كُلٍّ من الفريقين وما يكون عليه في الآخرة . وهو يضرب للفريقين مثلا : الأعمى والأصم ، والبصير والسميع . { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } . أحد أكثرُ ظلماً لنفسه وبُعدا عن الحق من الذين يكذِبون على الله . ان افتراء الكذب في ذاته جريمةٌ نكراء وظلمٌ لمن يُفترى عليه الكذب ، فكيف إذا كان هذا الافتراءُ على الله ! ! { أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } . سَيُعْرَضُ هؤلاء المفترون يوم القيامة على ربهم ليحاسبَهم على أعمالهم السيئة ، فيقول الاشهاد من الملائكة والانبياء والناس : هؤلاء هم الذين ارتكبوا جريمة الكذب على الله . بذلك يفضحونهم بهذه الشهادةِ المقرونة باللَّعنة ، اي خروجِهم من رحمة الله . وفي الصحيحَين عن عبد الله بن عمر قال : " سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يُدني المؤمنَ حتى يضعَ كنَفَه عليه ويسترَهُ من الناس ، ويقرِّره بذنوبه ويقول له : اتعرف ذنْبَ كذا ؟ اتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : يا ربِّ أعرف ، حتى إذا قرّره بذُنوبه ورأى في نفسه انه قد هلَك قال : فإنّي سترتُها عليك في الدُّنيا وأنا أغفر لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته " . { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } . الذين يَصرِفون الناسَ عن سبيلِ الله ، وهو دينُه القيم وصراطُه المستقيم ؛ ويريدون ان تكونَ هذه السبيلُ معوجَّة لتوافقَ شهواتِهم واهواءَهم ، وهو كافرون بالآخرِة والبعثِ والجزاء . { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } . هؤلاءِ الّذين يصُدُّون عن سبيل الله لم تكنْ لهم قوةٌ تعجِز اللهَ عن أخذِهم بالعذاب في الدنيا ، ولم يكن لهم أنصارٌ يمنعون عنهم العذابَ لو شاء ان يُعَجِّلَه لهم . انهم سيلقون ضعف العذاب في الآخرة . ثم بين علة هذه المضاعفة للعذاب بقوله : { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } . لقد أعماهم وأصمَّهم انهماكهم في الكفر والضلال حتى كرهوا ان يسمعوا القرآن أو يبصروا آيات الله في الكون . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } . هكذا اضاع اولئك الكافرون أنفسهم ، ولم يربحوا بعبادة غير الله شيئاً ، وغابَ عنهم في الآخرة ما كانوا يفترونه من الكذِب على الله في دنياهم . { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } . حقا إنهم أشدُّ الناس خسارةً في الآخرة ، وبذلك يكونون قد أضاعوا أنفسَهم في الدنيا والآخرة . وبعد ان بين الله حال الكافرين واعمالهم ومآلهم ، بين حال المؤمنين اصحاب العمل الصالح وعاقبة أمرهم فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . ان الذين آمنوا بالله ورسُله ، وعملوا الاعمالَ الصالحة ، وخشعتْ قلوبُهم واطمأنّت الى ربها ، سيكونون أهل الجنةِ خالدين فيها ابدا . { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ } . مثل الفريقين : الكافرين والمؤمنين : الكافرين كالأعمى الذي يسير على غيرِ هدى ، والأصمِ الذي لا يسمع ام يُرشده إلى النجاة ؛ والمؤمنين ، كالمبصِر يرى طريقَ الخير ، وقويِّ السمعِ الذي يسمع كل ما ينفعه . { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } . هل يستوي هذانِ الفريقان في الحال والمآل ؟ افلا تتفكرون ايها الناس فيما بين الباطل والحق من خلاف فتعتبروا به ، وتسيروا على الصراط المستقيم !