Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 103-107)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

غاشية : عقوبة شاملة . الساعة : القيامة . بغتة : فجأة . { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } . انتهت قصة يوسف وبدأت بعد ذلك التعقيبات عليها ، ومعها لفتات متنوعة ، وجولات موحية في صفحة الكون وفي أغوار النفس ، وفي الغيب المجهول ، وكل هذا لولا وحيُ الله تعالى لما وصل الى علم النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام . لقد كان رسولُ الله حريصاً على إيمان قومه ، رغبة في إيصال الخير الذي جاء به إليهم ، ورحمة لهم مما ينتظرُ المشركين من نكد الدنيا وعذاب الآخرة . وما اكثرُ مشركي قومك يا محمد - ولو حَرَصت على ان يؤمنوا بك ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك - بمؤمنين . { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } . أنت غنيّ عن ايمانهم يا محمد ، فلستَ تطلب منهم أجرا على الهداية ولا مالا ولا منفعة . انك انما تدعوهم ان يتبعوا أمر ربك ، وفي ما تدعوهم اليه تذكير وموعظة لارشاد العالمين كافة الا لهم خاصة . { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } . ما اكثر الدلائل المبثوثة في تضاعيف الكون على وجود الخالق ووحدانيته وكماله . انها معروضة للابصار والبصائر ، في السماوات والارض ، وهم يمرون عليها صباح مساء ، ولكنهم لا يروْنها ولا يسمعون دعاءها ولا يحسون ايقاعها العميق . { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } . قال ابن عباس : هم اهل مكّة آمنوا وأشركوا وكانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك ، الا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك . وهذا هو الشِرك الاعظم . فايمان اكثرهم لا يقوم على اساس سليم من التوحيد ، لأنهم لا يعترفون بوحدانية اله اعترافا خالصا ، ولكنه مقترن في نفوسهم بشوائب تسلكهم في مسلك المشركين . والشرك انواع ، روى الامام احمد ان رسول الله قال : " انّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الاصغر ، قالوا : وما الشِرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء ، يقول الله تعالى يوم القيامة اذا جاء الناس بأعمالهم : اذهبوا الى الّذين كنتم تراءون في الدّنيا فانظُروا هل تجِدون عندَهم من جزاء " . وبعد ، فما الذي ينتظره أولئك المعرِضون عن آياتِ الله الناطقة في صفحات الوجود بعد اعراضهم عن آيات القرآن التي لا يُطلب منهم عليها أجر . { أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } . افأمِنَ هؤلاء الذين يؤمنون بالله لكنهم يشركون به غيره في العبادة ، ان تاتيهم عقوبة شاملة تغشاهم ، او تأتيهم الساعة فجأة حيث لا يتوقعون ! !