Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 106-111)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اكره : غصب بالضغط . من شرح بالكفر صدرا : اعتقد الكفر عن طيب نفس . لا جرم : حقا ، لاشك . { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ } . ان الذين يكفرون بعد ان دخلوا الاسلام وآمنوا عليهم غضبُ الله ، ويستثنى من ذلك من أُكره على الكفر بالضغط والتعذيب ونطق بالكفر ولكنه مؤمن ايماناً صادقاً ، فلا لوم عليه . وقد كان كفار قريش يعذّبون الضعفاء من المسلمين الذين ليسوا من قريش مثل عمار بن ياسر وابويه وبلال وغيرهم ، ويجبرونهم على النطق بكلمة الكفر ، فاذا لم يفعلوا قتلوهم ، فنزلت الآية تجيز لهم النطقَ بكلمة الكفر ظاهرا ليتخلصوا من عذاب المشركين ، ولا تثريبَ عليهم . { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . أما الذين كفروا طائعين مختارين ، فغضب الله عليهم ولهم عذاب عظيم في الآخرة . { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْحَيَاةَ ٱلْدُّنْيَا عَلَىٰ ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } . هؤلاء الذين كفروا طوعا واصروا على الشرك إنّما آثروا الحياة الدنيا وزينتها على نعيم الآخرة ، والله لا يوفق من يشرك به ويجحد آياته . { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } . إنّ الذين اتصفوا بما تقدم هم الّذين طبع اللهُ على قلوبهم وسمعهم وابصارهم فأغلقَها عن الحق ، فلا يؤمنون ولا يهتدون . { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلْخَاسِرونَ } . لا شك بأنهم هم الخاسرون لكل خير في الدنيا والآخرة ، ولا خسرانَ أعظمُ من غضب الله . { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } . ثم اعلمْ ايها النبي ان ربك ناصرٌ الذين هاجروا من مكة فراراً بدينهم ، وبأنفسهم من عذاب المشركين ، ثم جاهدوا وصبروا على مشاق التكاليف ، ان ربك من بعد ما تحمّلوا ذلك لغفورٌ لما حصل منهم ، رحيم بهم فلا يؤاخذُهم على ما أُكرهوا عليه … الآية كما يظهر من لفظها تعم جميع الذين اضطهِدوا وعذَّبوا من ضعفاء المسلمين . { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . ويوم القيامة يأتي كل انسان لا يهمه الا نفسه والدفاع عنها ، وينسى كل شيء من مال ووالد وولد ، والله تعالى يومئذ يوفّي كل نفس جزاءَ ما كسبت من اعمال ، ولا يظلم ربك احدا .