Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 65-69)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأنعام : يطلق على الجمع ويذكر ويؤنث ولذلك قال هنا مما في بطونه وفي سورة المؤمنين { ونسقيكم مما في بطونها } بالتأنيث " الآية 21 " من بين فرث ودم ، الفرث : ما يبقى في كرش الحيوان من بقايا الاكل . سائغا : سهل المرور في الحلق . تتخذون منه سكرا : خمرا . ورزقا حسنا : كل ما يستخلص من الثمرات من انواع المربى وغيره . يعرشون : بضم الراء وكسرها . يرفعون العرائش من الكروم وغيرها . ذللا : مفردها ذلول : الطائع المنقاد . { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } . هذه الآية من الحجج الدالّةِ على توحيد الله ، وقد ذُكرتْ في سورة البقرة 22 و 164 والانعام 99 وسورة الرعد 19 ، وسورة ابراهيم 32 وفي سورة النحل هذه 10 . { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } . ان لكم أيها الناسُ في الأنعام من الإبلِ والبقر والغنَم لموعظة دالّة على قدرة الخالق ، إذ يُخرج اللبنَ السائغ اللذيذ الطعم من بين الفرْثِ والدم ، فالعشبُ الذي يأكله الحيوان يتولَّد من الماء والتراب ، فهذا الطينُ يصير نباتاً وعشباً ، ثم يأكله الحيوانُ فيتحول الى لبنٍ سائغ للشاربين … وفي هذا كلِّه أكبرُ وأعظمُ دليل على قدرة الخالق سبحانه . قراءات : قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : " نسقيكم " بفتح النون والباقون : " نسقيكم " بضمها والمعنى واحد ، سقاهُ وأسقاه . { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } . ومن هذه النِعم التي أنعم اللهُ بها عليكم ما تتخذون من العنب والتمر ، فتصنعون منه خَمْرا ، ( وكان هذا في مكةَ وقبل تحريم الخمر ) ، ورزقاً حسَناً من الثمار وما تعملون منه من شراب ومربَّى وغير ذلك . وفي هذه آية دالة على قدْرة الله ورحمته بكم لعلّكم تسمعون فتعقلون . { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } . وألهَمَ اللهُ النحل أسبابَ حياتها ، ووسائلَ معيشتها ، فهي تتَّخِذ بيوتاً في كهوف الجبال ، وفي الشجر ، وفي عرائشِ الكروم وغيرها . ومن يرى خليَّةَ النحل وما فيها من نظامٍ وتدبير وهندسة بيوتٍ يجد العَجَبَ في هذه القدرةِ الفائقة والترتيب العجيب . وقد كُتب في ذلك مؤلفاتٌ عديدة ، فالخليّة مملكة قائمةٌ بذاتها ، لها ملكة واحدة ، وعددٌ كبير من الشغّالين منهم من يطعم الملكة التي تبيض لهم ، ومنهم من يخدم الصغار ويربيهم ، ومنهم من يحرس الخلية ، ومنهم من يصنع العسلَ والشمع الذي تُبنى منه البيوتُ السداسية الشكل العجيبةُ في الدقة والصنع . قراءات : قرأ ابو بكر وابن عامر : " يعرُشون " بضم الراء . و الباقون : " يعرِشون " بكسر الراء . { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } . ثم هداها الله للأكل من جميع أنواع الثمرات والنبات ، وأن تسلكَ الطرق التي هيأها لها الله . وبعد ان تتغذى من شتّى أنواع الثمار تهضم ذلك كلَّه ثم يخرج من بطونها شراب مختلف الالوان ، جعل الله فيه شفاءً عظيما للناس ، وغذاءً لا مثيل له . ومنيرة العسل انه يُستعمل غذاء ودواء . وقد أُلفت فيه مؤلفاتٌ عديدة ، وكان العسل هو الوسيلةَ للتحلية من أقدم العصور الى ان صار السكّر سلعةً تجارية هامة . وكما قلتُ : ان عسل النحل مغذٍّ ويمتصه الجسم بسهولة ، وينتفع به ، ويحتوي على 70 - 80 % سكراً ، والبقية ماء ، واملاح معدنية ، وآثار من البروتين والأحماض ومواد اخرى .