Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 70-74)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ارذل العمر : أخسه وهو الهرم مع فقدان الذاكرة ، لان كثيرا من المعمرين يبلغون مرحلة كبيرة في السن ويبقون بصحة وذاكرة جيدة . ما ملكت ايمانكم : العبيد . حفدة : جمع حفيد ، ابن الابن وابن البنت . فلا تضربوا لله الامثال : لا تجعلوا له اشباها ونظائر . بعد ان ذكر الله عجائبَ أحوال ما ذكر من النبات والماء والأنعام والنحل - أشار هنا الى بعض عجائب أحوال البشَر من أول عُمر الإنسان الى آخره وتطوراته فيما بين ذلك . { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . ان الله خلقكم أيها لناس ولم تكونوا شيئا ، ثم قدّر لكم آجالاً مخلتفة ، منكم من يتوفّاه مبكِّرا ومنك من يهرَم ويصير إلى أرذل العمر فتنقص قواه ، ويكون في عقله وقوّتِه كالطِفل ، فتكون عاقبته أن يفقدَ ذاكرته ولا يعود يعلم شيئا ، حتى انه لا يستطيع التمييز بين أهله وأولاده وأقربائه ، ( وقد رأينا أناساً بهذه الحالة ) ان الله عليم بأسرار خلقه ، قادر على كل شيء . ثم بعد ان ذكَر اللهُ تفاوتَ الناس في الأعمار ذكر تفاوتَهم في الأرزاق فقال : { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } . والله جعلكم متفاوتين في أرزاقكم ، فمنكم الغنيُّ ومنكم الفقير ، فما الذين فُضِّلوا بالرزق وأعطاهم الله المالَ الكثير بمعطين قِسماً من أموالهم لعبيدهم المملوكين لهم حتى يصيروا مشاركين لهم في الرزق ومساوين لهم ، مع أنهم إخوانُهم وبشرٌ مثلهم وهم اعوانهم . فما بالكم ايها المشركون بالله ، وهو الذي خَلَقَكم ورزقكم وأنعم عليكم ! كيف تجحدون بنعمة الله وتشركون به غيره . قراءات : قرأ ابو بكر : " تجحدون " بالتاء والباقون بالياء . ثم ذكر ضرباً آخر من ضروب نِعمه على عباده تنبيهاً الى جليل إِنعامه بها إذ هي زينةُ الحياة فقال : { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } . واللهُ أنعمَ عليكم نِعماً لا تحصى ، منها ان خلَق لكم أزواجاً لتسكُنوا اليها ، وأكبر نعمةٍ على الانسان هي الزوجةُ الصالحة ، فهي جنّةُ البيت . وجعل لكم من أزواجكم بنينَ وأبناءَ البنين والبنات ، كما رزقكم من الأرزاق الطيبة التي تنعَمون بها ، وهذه من زينة الحياة الدنيا . { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ؟ } . ابعدَ كل هذه النِعم ، وكل هذه الدلائل البينة يُشركون بالله ، ويكفرون بهذه النعم ! ! { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } . ومع كل هذِه النعم التي أنعم الله بها عليهم فإنهم يعبدون الأصنامَ التي لا تملِك شيئا ، ولا تستطيع أن ترزقَهم أيَّ رزقٍ ، سواء كان كان هذا الرزقُ آتياً من السماء كالماء أم من الارض كالنبات والشجر . { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } . لا تجعلوا لله مَثَلاً ولا تشبّهوه بخلْقِه ، ولا تعبدوا غيره ، فانه لا شبيه له ولا مثيل : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [ الشورى : 11 ] .