Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 78-83)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في جو السماء : الجو : الفضاء ما بين السماء والارض ، سكنا : مسكنا . يوم ظعنكم : وقت ترحالكم وتنقلكم وسفركم . الاثاث : فرش البيت . متاعا : ما يتمتع وينتفع به في المتجر والمعاش . ظلالا : ما يستظل به . اكنانا : واحدها كن وهو كل ما يقي الحر كالبيت والكهف وغيره . سرابيل : واحدها سربال وهو القميص او الثوب . وسرابيل الحرب الدروع . البأس : الشدة عند الحرب . { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } . وهذه المنن التي يذكرها ربُّنا يَعْرِض فيها مثلاً من حياة البشر تعجِز عنه قُواهم ، ويعجز عنه تصوُّرُهم ، وهو يقع كل يوم . إن الله تعالى يُخرجكم ايها الناس من بطونِ أمهاتكم لا تدرِكون شيئاً مما يحيط بكم ، ثم أعطاكم السمعَ والبصرَ والأفئدة . وقد ثبت للباحثين اليومَ أن حاسّة السمع تبدأ مبكرة جدّاً في حياة الطفل في الأسابيع القليلة الأولى ، اما البصر فيبدأ في الشهر الثالث ، ولا يتم تركيز الإبصار إلا بعدَ الشهر السادس ، وأما الفؤاد وهو الإدراك والتمييز - فلا يتم إلا بعد ذلك . وهكذا فالترتيبُ الذي جاء به القرآن هو ترتيبُ ممارسة الحواس . وهذه الاجهزة : السمع والبصر والافئدة ، في الإنسان من أعجبِ العجب في تركيبها وعملها وأداء وظيفتها ، ومن أكبرِ الأدلة على وجو الخالق القدير ، وهي وسائل للعلم والإدراك ، لتؤمنوا بالله ، وتشكروه على ما تفضل عليكم . ثم بعد ذلك نبّه عبادَه الى دليلٍ آخر من آثار القدرة الالهية يراها الناس كلَّ يوم فلا يتدبرونها ، فقال : { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . الم ينظر المشركون الى الطير سابحاتٍ في الهواء ، بما زوّدها الله به من أجنحةٍ أوسعَ من جسمِها تبسطها وتقبضها ، وسخّر الهواء لها ، فما يمسكهن في الجو الا الله بالنظامِ الذي خلَقها عليه ، ان في النظر إليها والاعتبار بحكمة الله في خلْقها ، لدلالةً عظيمة ينتفع بها المؤمنون . ولقد اخترع الانسان الطائرة وغيرها مما تطير في الفضاء ، وقد انتفع بالطير وآلاته ، وانه لَعملٌ جبّار ولكنه لا يزال غير أمين ، ولا تزال تحفّ بالراكبين الاخطار ، كما جعلوا القسم الاكبر منها للحرب والتدمير . قراءات : قرأ ابن عامر وحمزة وخلف ويعقوب : " الم تروا " بالتاء والباقون بالياء . { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } . ومن نِعمه تعالى عليكم أن جعلكم قادرين على إنشاء بيوت لكم تتخذونها مساكن لكم فيها وتطمئّنون فيها بأمنٍ وسلام ، وجعل لكم من جلودِ الأنعام بيوتاً تسكنون فيها وتنقلونها بخفّةٍ وسرعة في أسفاركم وتنقّلكم ، كما تتخذون من صوفها ووبرها وشعرها فُرُشاً ولباساً تتمتعون بها في هذه الدنيا الى حين آجالكم . { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } . ومن نعمه تعالى عليكم ان جعل لكم من الأشجار وغيرِها ظِلالاً تقيكم شرّ الحر والبرد ، وجعل لكم من الجبال مواضعَ تسكنون فيها ، وجعل لكم ثياباً تقيكم الحرَّ والبرد ، ودروعاً من الحديد تصونكم من قَسوة الحرب ، كما جعل لكم هذه الأشياءَ فهو الآن يتم نعمتَه عليكم بالدِّين القيم ، لعلكم تُسلمون ، وتُخلِصون عبادتكم له دون غيره . قراءات : قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو : " يوم ظعنكم " بفتح العين . والباقون بتسكينها . وبعد ان عدّد ما أنعم به عليهم من النعم ذكر مايتَّبع معهم إذا أصرّوا على عنادهم فقال : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } . فإن أعرضوا وتولوا عنك ايها النبي ، فلا تَبِعَةَ عليك في إعراضهم ، فما عليك الا التبليغ الواضحُ ، وحسْبُك ذلك وعلينا نحن حسابهم . { يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } . انهم يعرفون أن هذه النعم كلَّها من الله ، ولكنهم ينكرونها بكفرهم وعنادهم ، وإن أكثرَهم لجاحدون نعم الله كافرون بها .