Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 27-29)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لا مبدل لكلماته : لا مغير لأحكامه . ملتحدا : ملجأ . واصبر نفسك : احبسها . بالغداة والعشي : في الصباح والمساء . يريدون وجهه : يطلبون رضاه . فرطا : مجاوزاً للحد . أعتدنا : هيأنا ، اعددنا . السرادق : الخيمة ، الفسطاط . كالمهل : خثارة الزيت ، المعدن المذاب . مرتفقا : متكأ . بعد ان ذكر الله قصة اهل الكهف ، وبين ان هذا القرآن يقص الحق ، لأنه وحي من علام الغيوب ، أمَرَ بالمواظبة على تلاوته ودرسه ، وبيّن في هذه الآيات الكريمة ، ان القيم الحقيقية ليست هي المالَ ، ولا الجاه ، ولا السُّلطة ، ولا لذائذ الحياة ومتعها - فانها كلّها قيم زائفة - وان الاسلام لا يحرِّم الطيب منها ، ولكنه لا يجعل منها غاية الحياة ، فمن شاء ان يتمتع بها فليتمتع ، ولكن لِيذكُرِ الله الذي انعم بها ، وليشكرْه على نعمه بالعمل الصالح . { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً … } اتلُ ايها الرسول الكتابَ الذي اوحي اليك ، والزم العمل به ، واتّبع ما فيه من احكام وتعليم وتأديب . ولا يستطيع أحدٌ ان يغيّر او يبدّل ما فيه ، وليس لك ملجأٌ الا الله ، فإليه المرجع والمآب . { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } . احتفظ بصحابتك ايها الرسول ، الذي يعبدون اللهَ وحده في الصباح والمساء ، يطلبون رضوانه ، وهم فقراءُ الصحابة مثل : عمار بن ياسر ، وصهيب ، وبلال وغيرهم ، فقد رُوي ان عُيَيْنَةَ بن حصن الفَزاري والأقرعَ بن حابس وغيرَهم - جاءوا الى الرسول الكريم ، وطلبوا منه ان يبعد هؤلاء الفقراءَ من الصحابة ليحادثوه ويسْلموا . فنزلت . ويقال إن أشرافَ قريش هم الذين طلبوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تعالى ان لا يتخلّى عن اصحابه ، ولا يلتفت إلى هؤلاء وما عندَهم من قوةٍ وجاهٍ ورجال ، فاللهُ أكبرُ من كل ما عندهم . وهذا الأصح لأن السورة مكية . ثم امره بمراقبة أحوالهم ومجالسِهم فإن فيهم الخير فقال : { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا … } . ولا يتحول اهتمامُك عنهم إلى مظاهر الحياة التي يستمتع بها أصحاب الزينة ، فهذه زينةُ الحياة الدنيا الزائلة . ثم اكد هذا النهي بقول : { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } . لا تطع هؤلاء المتكبرين فيما يطلبون من تمييزٍ بينهم وبين الفقراء ، وطردِهم من مجلسك . فهؤلاء قد أغفلْنا قلوبَهم عن ذكرنا ، واتجهوا الى ذواتهم وإلى لذّاتهم ، وشغلوا قلوبهم بزخرف الدنيا وزِينتها ، وصار أمرُهم في جميعِ أعمالهم بعيداً عن الصواب . ولقد جاء الاسلام ليسوّي بين الناس امام الله ، فلا تفاضلَ بينهم بمال ولا نسبٍ ولا جاه . قراءات : قرأ ابن عامر : " بالغدوة والعَشِيّ " والباقون : " بالغداة والعشي " . { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ … } . بعد ان أمر اللهُ رسوله صلى الله عليه وسلم ان لا يلتفت لى قولِ أولئك الأغنياء الذين قالوا : إن طردتَ اولئك الفقراء آمنا بك ، أمره ان يقول لهم ولغيرِهم على طريق التهديد والوعيد : انّ ما جئتُ به هو الحقُّ من عند ربكم ، فمن شاءَ أن يؤمن به فليؤمن ، فذلك خير له ، ومن شاء ان يكفر فليكفر ، فانه لا يظلم الا نفسه . إن الله قد أعدّ لمن ظلم نفسه بالكفر نارا تحيط بهم كالسُّرادِق ، وإن يطلبوا الغوثَ بطلب الماء يؤتَ لهم بماءٍ عكرٍ أسود يحرقُ الوجوه لشدة غليانه . { بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً … } ما أقبح ذلك الشرابَ ، ويا لَسوءِ النار وسرادقها مكانا للارتفاق والاتكاء .