Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 11-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المفردات : الفساد : خروج الشيء عن حد الاعتدال . والصلاح ضده . والسفه : خفة في العقل وفساد في الرأي . واذا قيل لهؤلاء المنافقين لا تفسدوا في الارض بالصدّ عن سبيل الله ، ونشر الفتن برّأوا أنفسهم من الفساد ، وقالوا انما نحن مصلحون . وما ذلك الا لفرط غرورهم ، الذي أعماهم عن حقيقة كونهم جراثيم الفساد ، وأسباب الفتن والبلاء . واذا قيل لهم : ادخلوا في الإيمان بهذا الدين العظيم الذي دخل فيه الناس ، قالوا ساخرين : أتريدون منا ان نكون مثل هؤلاء الضعفاء السفهاء ، نصدّق الأوهام وننقاد للأضاليل ! وذلك لأن كثيراً من المسلمين كانوا من الفقراء والموالي والعبيد مثل بلال وصهيب وسلمان الفارسي . وقد رد الله عليهم قولهم وتطاولهم وحكَم عليهم بأنهم هم السفهاء ، لكنهم لا يعلمون حقاً ان النقص والسفه محصور فيهم . واذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين ، قالوا : آمنا بما آمنتم به وصدّقنا الرسول وقبلنا دعوته ، نحن معكم . واذا اجتمعوا بشياطين الكفر من اخوانهم الضالين ، قالوا لهم : نحن معكم ، انما قلنا للمؤمنين ما علمتم استخفافاً بهم واستهزاء بعقولهم . ولقد روي ان عبدالله بن أبيّ بن سلول ، رأسَ المنافقين ، كان مع اصحابه فقدِم عليهم جماعة من الصحابة . فقال عبدالله لقومه : انظروا كيف أردُّ هؤلاء السفهاء عنكم . فأخذ بيد أبي بكر وقال : مرحبا بالصدّيق ، سيد بني تيم ، وشيخ الاسلام ، والثاني رسول الله في الغار . ثم أخذ بيد عمر بن الخطاب فقال : مرحباً بسيد بني عديّ ، والفاروق ، والقوي في دينه ، الباذل نفسه وماله لرسول الله . ثم أخذ بيد عليّ رضي الله عنهم فقال : مرحبا بابن عم رسول الله ، وختَنِه ، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله . فنزلت هذه الآية . هذا هو عبدالله بن أُبيّ الذي كان الأوسُ والخزرجُ في يثرب يريدون ان يتوّجوه ملكاً عليهم قبل هجرة الرسول . فلما تمت الهجرة وأسلم معظم الخزرج وجميع الأوس ، أُلغيت فكرة ملكيته ، فحقد عبدالله على الاسلام وحسد النبي على فضله ، لكنه عجز عن اظهار حنقه فنافق ، وأصبح يكيد للمسلمين سراً وإن جاهر بالاسلام زوراً . ورد الله عليهم بقوله : { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ } أي يجازيهم على استهزائهم ويكتب عليهم الهوان ، ويمهلهم في عماهم عن الحق ، ثم يأخذهم بعذابه . ان مثَل المنافقين مثل الذين باعوا الهدى ، واشتروا به الضلالة . فكانوا كالتاجر الذي يختار لتجارته البضاعة الفاسدة فتكسد وتبور . بذلك لا يربح في تجارته ، ويخسر ماله . والضلال والضلالة والضلّ ضد الهدى .