Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 153-154)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد ان تم تقرير القبلة ، وما واكبه من امتحان كبير للمؤمنين ، وما لا قوه من اليهود والمنافقين والمشركين ، وبعد بيان نعم الله على المؤمنين شرع سبحانه في توجيه هذه الأمة توجيها عظيما ، وتوطينها على احتمال الشدائد ، وتعويد النفوس على التضحية . وأعظم شيء يواجه الانسان به كل هذه المكاره هو الصبر . ولذلك قال تعالى : يا أيها المؤمنون ، استعينوا في كل تأتون وما تذرون بالصبر . فانه أمر عظيم ، ومزية كبرى , وليس الصبر مجرد الاستسلام والخنوع امام الحوادث ، إن ذلك عجز وصغار لا يرضى بهما الله لعباده المؤمنين ، وإنما هو تحمُّل مع عمل دائب مدروس . وكذلك بالصلاة ، وهي الوقوف بين يدي الله تعالى ومناجاته بخشوع وتدبر ، وطلب المعونة والهداية منه . بذلك يطهُر جسد المؤمن ، كما تطهر روحه . وقد خص الصبر والصلاة معاً لأن الصبر أشد الأعمال الباطنية على البدن ، والصلاة أشد الأعمال الظاهرة عليه . وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حَزَبه أمر صلّى " فالصبر والصلاة من أقوى عُدد المؤمن في هذه الحياة ، ان الله مع الصابرين . { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ … } نزلت هذه الآية في شهداء بدر وهي تعم كل من استشهد في سبيل الله . ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هو ميت ، فإنه حي عندي في حياة نعيم ، وعيش هنيء . فالشهداء احياء في عالم غير عالمنا ، ونحن لا نشعر بحياتهم ، لأنها ليست في عالم الحس الذي يدرَك بالمشاعر . وقد صوّرها رسول الله أجمل تصوير رمزي فيما رواه مسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود : " ان أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي الى قناديل معلقة تحت العرش ، فاطلع عليهم ربك اطلاعةً ، فقال : ماذا تبغون ؟ فقالوا : يا ربنا . وأي شيء نبغي وقد اعطيتنا ما لم تعطِ أحداً من خلقك ؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا ، فلما رأوا أنهم لا يُتركون من أن يُسألوا قالوا : نريد ان تردنا الى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نُقتل فيك مرة أخرى ، لما رأوا من ثواب الشهادة ، فيقول الرب جل جلاله : اني كتبت انهم اليها لا يرجعون " . وقد وردت احاديث كثيرة تشيد بالجهاد في سبيل الله ، وفضل الشهداء والشهادة . وهل هناك أعظم من التضيحة في سبيل الله والوطن ! !