Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 164-164)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في هذه الآية عرض موجز لبعض مشاهد الكون العجيب ، وآيات لكل ذي عقل على وجود الله وألوهيته . وفيها تنبيه للحواس والمشاعر تفتح العين والقلب على عجائب هذا الكون ، فمن ذلك : ابداع السموات التي ترونها والكواكب تسير فيها بانتظام دون ان تتزاحم او تصطدم ، بل تبعث الحرارة والنور لهذا العالم ، والارضُ وما فيها من البر والبحر ، وتعاقب الليل والنهار في حياتها وما في ذلك مع المنافع للناس . كذلك ما يجري في البحر من السفن التي تحمل الناس والمتاع ، ولا يسيّرها الا الله . كذلك فهو الذي يرسل الرياح التي تبعث المطر ، فيحيي الحيوان ويسقي الارض ، والنبات . ومن خلقه ايضا ما ترونه من السحاب المعلّق بين السماء والارض . والآن ، هل يعقل ان تقوم هذه الأشياء كلها ، وبهذا الاتقان والإحكام من تلقاء نفسها ! ام هي صنع العليم القدير ! ويدلنا علم الفلك ان عدد نجوم السماء مثل عدد ذرات الرمال الموجودة على سواحل البحار في الدنيا كلها ، فمنها ما هو أكبر من الأرض وما هو أصغر منها . لكن أكثرها كبير جداً ، حتى ليمكن ان يعدِل أحدها ملايين النجوم التي في مثل حجم ارضنا هذه . عندما تكون السماء صافية نستطيع ان نرى بالعين المجردة خمسة آلاف من النجوم ولكن هذا العدد يتضاعف الى أكثر من مليونين حين نستعمل تلسكوباً عادياً . ذلك ان الفضاء الكوني فسيح جداً ، تتحرك فيه كواكب لا حصر لها ، وبسرعة خارقة . فبعضها يواصل رحلته وحده ، ومنها ما يسير مثنى مثنى ، أو في مجموعات . وأقرب حركة منا هي حركة القمر الذي يبعد حوالي 000ر240 ميل . وهو يكمل دورته حول الارض من تسعة وعشرين يوماً ونصف يوم . كذلك تبعد أرضنا عن الشمس مسافة ( 000ر000ر92 ) ميل ، وهي تدور حول محورها بسرعة الف ميل في الساعة ، وقطر فلكها ( 000ر000ر190 ) ميل تكمله مرة واحدة في السنة . وهناك تسعة كواكب مع الارض وكلّها تدور حول الشمس بسرعة فائقة . فالمشتري مثلا يكمل دورة واحدة حول الشمس كل 11 سنة وستة وثمانين يوما . وزحل كل 29 سنة وستة وأربعين يوما . وأورانس كل 84 سنة ويومين . ونبتون كل 164 سنة وسبعة وتسعين يوما . وأبعد هذه الكواكب السيّارة حول الشمس هو بلوتو الذي تستغرق دورة واحدة منه حول الشمس 248 سنة و 43 يوما . وحول هذه الكواكب يدور واحد وثلاثون قمرا . ولا ننسى ذلك العملاق الذي نسميه " الشمس " ، وهي أكبر من الأرض بمليون ومئتي ألف مرة . ثم ان هذه الشمس ليست بثابتة في مكانها وانما هي بدورها تدور مع كل هذه السيارات والنجيمات في هذا النظام الرائع . وهناك آلاف من الأنظمة غير نظامنا الشمسي ، يتكون منها ذلك النظام الذي يسمى المجرات . وكأنها جميعا طبق عظيم تدور عليه النجوم والكواكب منفردة ومجتمعة كما يدور الخذروف يلعب به الطفل ، { وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } . ويقدّر علماء الفلك ان هذا الكون يتألف من خمسمائة مليون واحدة من هذه المجرات ، ويرون ان هذا الكون الفسيح بأعداده الهائلة من الكواكب والنجوم انما يسير بحركة منتظمة ، طبقاً لنظام وقواعد محكمة لا يصطدم فيها بعضها ببعض . وان العقل حين ينظر الى هذا النظام العجيب ، والتنظيم الدقيق الغريب ، لا يلبث ان يحكم باستحالة أن يكون هذا قائما بنفسه ، بل يجزم ان هناك قدرة هي التي تقيمه وتهيمن عليه . تلك هي قدرة الله الواحد القدير . أفليس في هذه العجائب والمشاهد عبر ومواعظ لمن يتدبر بعقله ويستدل بما فيها من إتقان وإحكام على قدرة مبدعها وحكمته ! وقد قال بعض العلماء : ان لله كتابين ، كتاباً مخلوقاً هو الكون ، وكتابا منزلا مقروءاً هو القرآن ، يرشدنا الى طرق العلم بذلك ، فمن اعتبر بهما فاز . القراءات قرأ حمزة والكسائي " وتصريف الريح " على الإفراد .