Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 1-2)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بدئت سورة البقرة بهذه الحروف الثلاثة ، وهي تُقرأ حروفاً مفرّقة ، لا لفظة واحدة ، وفي القرآن عدة سور بدئت بحروف على هذ النحو ، منها البقرة آل عمران مدنيّتان والباقي سور مكيّة . وقد جاءت بدايات هذه السوَر على أنواع : منها ما هو حرف واحد مثل " ص . والقرآنِ ذي الذِكر " . " ق . والقرآن المجيد " " ن . والقلمِ وما يسطُرون " ؛ ومنها ما هو حرفان ، مثل " طه ما أنزلنا عليكَ القرآن لتشقى " . " يس والقرآنِ الحكيم " . " حم تنزيلُ الكتاب من اللهِ العزيزِ الحكيم " ؛ ومنها ما هو ثلاثة أحرف أو اكثر مثل " ألم " " المص " " كهيعص " و " حم عسق " الخ . وهذه الحروف أربعة عشر حرفاً ، جمعها بعضهم في عبارة " نصٌّ حكيم قاطع له سر " . والعلماء في تفسير معنى هذه الحروف فريقان : فريق يرى أنها مما استأثر الله بعلمه . ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان المراد منها ، فالله أعلم بمراده . وفريق يقول : لا يجوز ان يرد في كتاب الله ما ليس مفهوماً للخلْق . وهؤلاء اختلفوا في تفسير هذه الحروف اختلافاً كثيرا . فبعضهم يقول إنها أسماء للسور التي بدئت بها ؛ وبعضهم يعتبرها رموزاً لبعض أسماء الله تعالى أو صفاته ، فالألف مثلاً اشارة الى انه تعالى " أحد ، أول ، آخر ، أبدي ، أزلي " ، واللام مثلا اشارة الى انه " لطيف " ، والميم الى انه " ملك ، مجيد ، منان " الخ … اما الرأي الأشهر الذي اختاره المحققون فهو : انها حروف أنزلت للتنبيه على أن القرآن ليس إلا من هذه الحروف ، وفي متناول المخاطَبين به من العرب ، فهو يتحداهم ان يصوغوا من تلك الحروف مثله ، وهم أمراء الكلام ، واللغةُ لغتهم هم . من هذه الحروف يصوغ البشر كلاما وشعرا ، ومنها يجعل الله قرآنا معجزاً ، فما أعظم الفرق بين صنع البشر وصنع الله ! { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } . ذلك : اسم اشارة للبعيد كنايةً عن الإجلال والرفعة ، ولذا لم يقل سبحانه " هذا هو الكتاب " . والمعنى : هذا هو الكتاب الكامل ، القرآن ، الذي انزلناه على عبدنا ، لا يرتاب في ذلك عاقل منصف ، ولا في صدق ما اشتمل عليه من حقائق وأحكام . وقد جعلنا فيه الهداية الكاملة للَّذين يخافون الله ويعملون بطاعته ، قد سمت نفوسهم فاهتدت الى نور الحق والسعي في مرضاة الله . و " فيه " هنا لا تفيد الحصر ، بل الشمول ، لكنه ليس كتاب علم ، بالمعنى الحديث ، وانما هو كتاب كامل في الدين . أما { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ } فانها تعني : من شيء متعلق بالدين ، لا بالعلوم الطبيعية التي يستجدّ منها كل عصر نصيب . المتقون : جمع متقٍ ، وهو المؤمن المطيع لأوامر الله . وأصلُ الاتقاء هو اتخاذ الوقاية التي تحجز عن الشر ، فكأن المتقي يجعل امتثال أوامر الله حاجزاً واقيا بينه وبين العقاب الإلَهي ، وهؤلاء المتقون هم الذين وصفهم الله تعالى بقوله : الذين يؤمنون بالغيب الآيات 3ـ5 .