Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 229-229)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الامساك بالمعروف : ان يرجع زوجته بقصد المعاشرة الحسنة . افتدت : اي دفعت عن نفسها فدية لتخلصها بها ، حدود الله : احكامه . الاعتداء : تجاوز الحد . شُرع الطلاق في الاسلام حينما تشتد الخصومة بين الزوجين الى حد لا تجدي فيه محاولة الاصلاح . وقد عُرف الطلاق من قديم ، فكان للمرأة عند العرب في جاهليتهم طلاق وعدة ومراجعة في العدة . لكنه لم يكن للطلاق حد ولا عدد ، فكان الرجل يطلق زوجته ثم يطلقها الى غير حد . تطليق فمراجعة ثم تطليق فمراجعة وهكذا ، لا يتركها لتتزوج غيره فتستريح ولا يثوب الى رشده فحيسن عشرتها ، وانما يتخذها ألعوبة في يده . فأنزل الله تعالى : { ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } والمعنى ان الطلاق المشروع ، عند تحقق ما يبيحه ، يكون على مرتين ، مرة بعد مرة . فاذا ما طلق الرجل زوجته المرة الأولى أو الثانية كان عليه إما ردّها الى عصمته مع احسان عشرتها ، وهذا هو الامساك بالمعروف ، وإما ان يتركها تنقضي عدتها وتنقطع علاقتها به ، وذلك هو التسريح بالاحسان . فان عاد الزوج بعد ان راجعها من الطلاق الثاني وطلقها ثالثة حرمت عليه ، حتى تتزوج من غيره ويطلقها الأخير وتنقضي عدتها منه . بذلك تكون المدة التي انفصل عنها الأول فيها لا تقل عن ستة أشهر ، وبعد ذلك يجوز له ان يتزوجها ان ارادت . { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً … } الآية لا يحل للرجل ان يسترد شيئاً من صداقٍ أو نفقة أنفقها على زوجته في مقابل طلاقها ، ما لم تجد هي أنها كارهة لا تطيق عشرته وتخاف معه ان تخرج عن حدود الله ، فهنا يجوز لها ان تطلب الطلاق منه ، وان تعوضه عن تحطيم بيته . وذلك بأن ترد المهر الذي دفعه لها أو بعض النفقة عليها أو كلها . وهكذا يراعى الاسلا م جميع الحالات الواقعية التي تعرض للناس ، ويراعى مشاعر القلوب التي لا حيلة للانسان فيها ، ولا يجبر الزوجة على حياة تنفر منها . وفي الوقت ذاته لا يضيع على لرجل ماله بلا ذنب جناه . وأول حادث حدث في الاسلام من هذا القبيل أن جميلة بنت أُبَيّ بن سلول كانت زوجة لثابت بن قيس ، وقد جاءت الى رسول الله وقالت له : يا رسول الله ، لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا ، إاني رفعت جانب الخباء ، فرأيته أقبلَ في عدة من الرجال فاذا هو أشدّهم سواداً وأقصرهم قامة ، وأقبحهم وجها . وقال ثابت : يا رسول الله ، إني أعطيتها أفضل مالي ، حديقة ، فلترد علي حديقتي . , قال : ما تقولين ؟ قالت : نعم ، وان شاء زدته . ففرق النبي بينهما . وهذا معنى قوله تعالى { أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } وهو ان يظهر من المرأة سوء الخلق والعشرة لزوجها ، فإذا ظهر ذلك حلّ له ان يأخذ ما اعطته من فدية على فراقها . هذا ما سماه الفقهاء " خلعا " وهو طلاق ، عدته كعدته . تلك حدود الله ، أوامره ونواهيه ، فلا تتجاوزوا ما أحلّه لكم الى ما حرمه عليكم . ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون لأنفسهم . والذي يظلم زوجته يكون قد خان امانة الله . وظلم بذلك نفسه . والرابطة الزوجية امتن الروابط وأحكمها ، وهي أساس بناء المجتمع . ولقد حذّر النبي الكريم النساء من الإساءة الى أزواجهن ، فقد روى احمد والترمذي والبيهقي عن ثوبان انه صلى الله عليه وسلم قال : " أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة " .