Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 44-46)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لا يزال الكلام موجَّهاً الى بني إسرائيل ، وأحبارهم على الخصوص . لقد وبخهم الله على اعوجاج سيرتهم وفساد أعمالهم ، فقد كانوا يتلون التوراة ولا يعملون بما فيها . كانوا يأخذون ما يوافقهم ويتركون ما يعارض شهواتهم وأهواءَهم . وقد جاء في عدة مواضع من التوراة نبأ البشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فحرّفوا هذه البشارة وأوّلوها بما يوافق هواهم . حتى إن بعض احبارهم كان ينصح سراً بالإيمان بمحمد لمن يحب ولا يعمل بذلك . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } يعني : ألا يوجد فيكم عقل يردكم عن هذه السفة ؟ ومع ان الخطاب لليهود ، وهذا حالهم ، فإنه عامٌ وعبرة لغيرهم . وبعد ان بيّنت الآيات سوء حالهم وأن عقلهم لم ينفعهم ، أرشدتْهم الى الطريقة المثلى للانتفاع بالكتاب والعقل والعمل فقال تعالى : { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ } … والصبر حبْسُ النفس على ما تكره . وقد حث الله على الصبر كثيراً في عدة آيات ، وجعل أحسن الجزاء لمن صبر على الشدائد ، وعن الشهوات المحرمة التي تميل اليها النفوس ، وعلى أنواع الطاعات التي تشق على النفس . كذلك أمر بالاستعانة بالصلاة لما فيها من تصفية النفس ومراقبتها في السر والنجوى . وناهيك بعبادة يناجي فيها العبدُ ربه خمس مرات في اليوم ! وليست الصلاة مجرد عبادة فحسب ، بل هي انبعاث خفي لروح العبادة في الانسان ، وأقوى صورة للطاقة التي يمكن أن يولّدها الانسان . واذا ما أصبحت الصلاة الصادقة عادةً فإن حياتنا ستمتلىء بفيض عميق من الغنى الملموس . لذلك ورد الحث على الصلاة في كثير من الآيات . ان الصلاة قوة لا يقدّرها الا العارفون والملهمون . ولذلك قال تعالى : { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ } أي أن الصلاة ثقيلة شاقّة إلا على المؤمنين ايماناً حقيقياً ، الخاشعين لله حقا . { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } أي الّذين يتوقّعون لقاءَ الله تعالى يوم الحساب والجزاء ، فيجازيهم أحسن الجزاء على ما قدّموا من عمل صالح .