Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 113-122)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
صرفنا : كررنا وفصلنا . ذكرا : عظة وعبرة . لا تضحى : لا تبرز للشمس ، ولا تتعب . طفقا يخصفان : شرعا يلزقان ورق الجنة . غوى : ضل . اجتباه : اصطفاه وقربه . { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً … } . وكما انزلنا ما ذُكر من البيان الحق الذي سلف في هذه السورة ، كذلك أنزلنا القرآن كلَّه بأسلوب عربي واضح ، وصَرَّفنا فيه القول في أساليب الوعيد ليجتنبوا الشِرك والوقوعَ في المعاصي ، او يتذكروه إذا اذنبوا فيتوبوا الى الله ويسألوه العفو . { فَتَعَالَىٰ ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ … } . تقدّس الله المتصرفُ بالأمر والنهي ، المحقُّ في أُلوهيته وعظمته . ولا تَعْجَلْ يا محمد بقراءة القرآن من قبلِ ان يُتمَّ جبريلُ تبليغه اليك . أَنصِتْ حين نزول الوحي بالقرآن عليك ، حتى يفرغ المَلَكُ من قراءته ، ثم اقرأه بعده . { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } . بالقرآنِ ومعانيه وكل شيء . وهذا يدل على فضيلة العلم ، فان الله تعالى لم يأمر رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم . ولقد قام الاسلام على العلم والتعلم من بدايته ، وبالعلم سيطرت الأمم المسيطِرة في الوقت الحاضر ، ولو أننا اتّبعنا القرآن حق اتباعه لكنّا اليومَ في الذروة من كل شيء . وسبب نزول هذه الآية ان الرسول الكريم كان اذا لقَّنه جبريلُ الوحي ، يتبعه عند تلفظ كل كلمةٍ وكل حرف ، لكمالِ اعتنائه بالتلقّي والحفظ ، فأرشده الله الى التأني ريثما يسمعه ويفهمه . ونحوه قوله تعالى : { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } [ القيامة : 16 - 19 ] . روى الترمذي عن ابي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهمّ انفعني بما علّمتني ، وعلّمني ما ينفعني ، وزِدني علما ، والحمدُ لله على كل حال ، واعوذ باللهِ من حالِ أهل النار " قراءات : قرأ يعقوب : من قبل أن نقضي اليك وحيه . بفتح النون وكسر الضاد ونصب وحيه . والباقون : من قبل ان يُقضَى اليك وحيُه ، بضم الياء ورفع وحيه . { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } . بعد تلك الجولة الطويلة في قصة موسى ، والعرضِ الموجز لأحوال القيامة وتذكيرِ الناس بأهوال ذلك اليوم العظيم ، ثم ذكرِ القرآن وما فيه من وعيد ومن احكام ، والأمر للرسول ان لا يعجل في تلقّيه خوف ان ينسى - يأتي الحديث هنا عن قصة آدم . فقد نسيَ آدمُ ما عهِد الله به اليه ، وضَعُفَ أمام الإغراء بالخلود فاستمع لوسوسةِ الشيطان . وكان هذا ابتلاءً من ربّه قبل ان يعهد اليه بخلافة الأرض . ثم تداركت رحمةُ الله آدم فاجتباه وهداه . ولقد وصينا آدم وقلنا له أن لا يخالف لنا أمرا ، فنسي العهدَ وخالف ، ولم نجدْ له ثباتا في الرأي ، ولا تصميماً قويا يمنع من ان يتسلل الشيطان الى نفسه بوسوسته . وكل هذا العرض بإجمال لأنه فصِّل في سورة البقرة والأعراف والحِجر والإسراء والكهف . ثم بين الله تعالى ما عهد اليه به وكيفية نسيانه وفقدان عزمه فقال : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ … } . اذكر ايها الرسول حين امرنا الملائكةَ ان يسجدوا لآدم سجودَ تعظيم ، فامتثلوا ولبّوا الأمر ، إلا ابليس الذي امتنع وأبى ان يكون من الساجدين . فقلنا يا آدم ان هذا الذي رأيتَ منه ما رأيت عدوٌّ لك ولزوجتك ، فاحذرا وسوستَه فلا يكونن سبباً لإخراجكما من الجنة فتشقى يا آدم بعد الخروج . إن في هذه الجنة عيشا هنيئاً رغداً بلا كلفة ولا مشقة ، فلا جوع فيها ولا عُري ، ولا ظمأ ولا حر شمس . { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ … } . بعد ان بين الله أنه عظّم آدم وعرّفه شدة عداوة ابليس ، ذكر هنا أن آدم أطاعَ إبليس ، وأكلَ من الشجرة المحرّمة عليه ، لأن إبليسَ جاءه وقال له : هل أدلّك على شجرةٍ إن اكلتَ منها خلَدت ولم تمتْ أبدا ! ؟ فنسي آدم العهد وأكل هو وزوجته ، وخالفا أمر ربهما ، فظهرت لهما عوراتُهما جزاء مخالفتهما الأوامر الربانية ، وصارا يقطعان من ورقِ شجر الجنّة ، ويستران بها ما بدا منهما . { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } . خالف آدم أمر ربه ، فحُرِم الخلد ، وأفسد على نفسه تلك الحياة الهنيئة التي كان يعيشها . { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ } . ثم ادركتْ آدمَ وزوجتَه رحمةُ الله بعد ما عصاه ، فاصطفاه للرسالة ، وقبل توبته ، وهداه الى الخير . قراءات : قرأ نافع وابو بكر : ( وإنك ) لا تظمأ فيها ، بكسر ان . والباقون : ( وأنك ) بفتح الهمزة .