Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 90-98)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

انما فتنتم به : اتبعتم اهواءكم في عبادة العجل . لن نبرح عليه عاكفين : لا نزال عليه مقيمين . ولم ترقب قولي : لم تحفظ وصيتي ولم تعمل بقولي . فما خطبك : فما شأنك . بصُرت بما لم يبصروا به : علمت ما لم يعلمه القوم . قبضة من اثر الرسول : الرسول جبريل او موسى . فنبذتها : فطرحتها . سولت نفسي : زينت وحسنت . لا مساس : لا مخالطة ، فلا يخاطله احد ، فعاش وحيدا طريدا . لن تخلفه : سيأتيك حتما . ظلت : ظللت ، اقمت . اليمّ : البحر . { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ … } . في هذه الآيات تتمةٌ للقصة ، فقد نصح هارونُ لقومه الذين عبدوا العِجل قبل رجوع موسى ، فقال لهم : يا قوم ، ما الذي غركم من عبادة هذا العجل فوقعتم في فتنة السامري ؟ إن إلهكم الحق هو الرحمن ، فاتبعوني فيما أنصحكم به واطيوني أهدِكم سبيل الرشاد . فلم يسمعوا نصحه ، ولم يطيعوا أمره وأجابوه بعناد : { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } . سنبقى مستمرّين على عبادة العجل الى أن يعود إلينا موسى . وجاء موسى : فالتفت الى أخيه هارون بعد ان فرغ من خطاب قومه وبيان خطأهم { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } . قال موسى متأثرا مما رآه من عمل قومه : يا هارون ، اي سبب منعك ان تلحقني الى الطور بمن آمنَ معك من قومك ، حين رأيت الباقين قد ضلّوا بعبادتهم للعجل ؟ أخرجتَ عن طاعتي وخالفت امري ؟ . فقال هارون مجيباً أخاه في رفق ولين : { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } . قال هارون لموسى : يا ابن أمي ، لا تغضبْ عليّ ولا تجرَّني بلحيتي ، ومن شعر رأسي . لقد خفتُ إن شددتُ عليهم ان يتفرقوا ، فتقول لي : لقد فرّقت بين بني اسرائيل ، ولم تخلُفْني فيهم كما أمرتُك ، ولم تحفظ وصيتي كما عهدت اليك . وقد رأيت من الصواب ان أحفظ العامة ، وأداريهم على وجه لا يختلّ به نظامهم حتى ترجع فنتداركَ الأمر بحسب ما ترى . ولقد كادوا يقتلونني ، كما جاء في سورة الأعراف الآية 50 { إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي } وبعد ان انتهى موسى من سماع اقوال قومه واسنادهم الفساد الى السامري ، ومن سماع اعتذار هارون ، التفت الى السامري ووجه الخطاب اليه : { قَالَ : فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } . ما هذا الأمر الخطير الذي أتيتَ ، وأفسدتَ به بني اسرائيل ؟ . { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } . قال السامري لموسى : إني علمتُ ما لم يعلمه قومك ، وصنعتُ لهم العِجل من الذهب فعبدوه . وقد اتّبعتُك مدةً واخذتُ من دينك ، ثم تبيّن لي أنه غير صحيح فتركته . كذلك زينتْ لي نفسي أن أفعلَ ما فعلته . فكأن السامريّ يريد ان يهرب من ذكر الحقائق ويموّه على موسى . هذا ما أراه أقرب الى الصواب في تفسير هذه الآية ، وبهذا المعنى قال عدد من المفسرين المحدَثين ، ولكن اكثر المفسّرين القدامى قالوا : إن المراد بالرسول هو جبريل ، وان السامريّ رآه راكبا على فرس ، واخذ ترابا من أثرِ الفرس ، وألقاه على العِجل حتى صار له خوار . وذكروا أقوالا كثيرة ، وروايات عديدة . ! ! وهناك معركة كبيرة بين المرحوم عبد الوهاب النجار ، ولجنة من علماء الأزهر حول السامري والعجل وحقيقتهما ، لمن اراد الاطلاع عليها ان يجدها في كتاب " قصص الانبياء " ص 220 - 223 . { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ … } . قال موسى للسامري : اذهبْ فأنت طريدٌ لا يمسّك أحد ، ولا تمس أحداً ، بعيداً عن الناس ، معزولا عنهم ، لا يخالطك احد . وخرج السامري طريدا في البراري . هذا جزاؤه في الدنيا . أما في الآخرة فله موعدٌ محدد لعذابه لا مفرّ منه . وقد ندد موسى به وبالهه قائلا : انظر الى إلهك الذي عبدته ، ماذا نصنع به ؟ سنحرقه ونلقيه في البحر حتى نتخلّص منه . ثم يعلنُ بعد ذلك كلّه حقيقة العقيدة ، والدين الحق فيقول : { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } . وبهذه الآية وما فيها من إعلان عن الاله الحقيقي الذي لا اله الا هو ينتهي هذا القدْر من قصة موسى في هذه السورة ، وتتجلى فيه رحمةُ الله ورعايته بحَمَلِة دعوته من عباده . قراءات : قرأ الجمهور : يا ابن أمَّ بفتح الميم . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وابو بكر وخلف : يا ابن أُم بكسر الميم . وقرأ الجمهور : بصرت بما لم يبصروا : بالياء . وقرأ حمزة والكسائي وخلف : بما لم تبصروا بالتاء ، على انه خطاب لموسى وقومه . وقرأ الجمهور : لن تخلفه : بفتح اللام . وقرأ ابن كثير ويعقوب : لن تخلفه : بكسر اللام .