Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 83-89)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ما أعجلك عن قومك : لماذا تركت قومك ، فلقد غيروا وبدلوا بعدك . على اثري : لاحقون بي . فتنّا قومك : اختبرناهم . وأضلّهم : اوقعهم في الضلال . السامريّ : دجال من شعب اسرائيل . أسِفا : حزينا . فاخلفتم موعدي : ما وعدتموني من الثبات على الايمان . بملكنا : بقدرتنا واختيارنا . اوزارا : اثقالا . من زينة القوم : من حليهم ومصاغهم . فقذفناها : طرحناها في النار . جسدا : جثة لا روح فيها . له خوار : له صوت . { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } . سأله ربه عن سبب تعجُّله بالمجيء إليه وتركِ قومه خلفه ، والله اعلم بما سأل . فقال موسى مجيبا : { قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } . انهم لاحقون بي ، وإنما عجِلتُ إليك وتقدمتُهم يا ربي رغبةً في رضاك . يقول بعض المفسرين : ان موسى ذهب الى الميعاد قبل الوقت المحدد وترك قومه وراءه ليلحقوا به ، وهذا سببُ لومِ ربه له على الاستعجال بالمجيء . والقصة هنا مختصرة ، وقد مرت مفصلة في سورة البقرة وسورة الأعراف ، وذلك ان موسى لما نجا هو وقومه من فرعون ، واستقر في سيناء ، واعَدَه ربه ، وضرب له ميقاتا كما جاء في سور الاعراف 142 { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ … } الآية فذهب إلى ربه عند الطور ، وكلّمه وتلقّى عنه . وكان استخلف أخاه هارون على بني اسرائيل . فجاءهم السامريّ وأضلهم بجعلِه لهم عِجلاً من الذهب له صوتٌ ، فعكفوا عليه يعبدونه ، ولم يستطع هارون ان يردّهم عن غيّهم وكفرهم . وقد اخبره ربه بأن قومه من بعده قد ضلّوا فقال : { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } . لقد أوصلهم الى اتخاذ العجلِ إلهاً والدعاء الى عبادته ، وظهر عندهم الاستعداد لذلك ، لأنهم حديثو عهد بالوثنية في مصر . وفي سورة الاعراف سألوا موسى ان يجعل لهم إلها كما للقوم الذين مرّوا عليهم آلهة : { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } . { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } . عاد موسى الى قومه بعد ان قضى الميعاد وهو في غضبٍ شديد وحزنٍ لِما أحدثوه بعده ، وخاطب قومه منكِرا عليهم عملهم : { قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } . لقد وعدكم ربكم بالنجاة والهداية بإنزال التوراة ، والنصر ، فهل تناسيتُم وعدَ ربكم ؟ . { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } . لم يطل عليكم العهدُ حتى تنسوا وعد الله لكم ، أم أردتم بسوء صنيعكم ان ينزل بكم غضبُ الله جزاء عبادتكم العجلَ ، فأخلفتم عهدَكم لي ! ! فاعتذروا بعذرٍ عجيب إذ قالوا : { قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } . نحن لم نخلفْ موعدك باختيارنا ، { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا } وإنّما غَلَبَنا السامريّ وحملنا أثقالاً من حَلي المصريين الذي خرجنا به ، فقذفناها في النار بإشارة السامريّ ، فصاغ لنا عجْلاً جسدا له صوت . { فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } . قال السامري ومن تبعه : هذا معبودُكم ومعبود موسى ، ونسيَ السامري ربَّه فعمل هذا العمل السّيء وأضلَّ به القوم . وقال عدد من المفسرين : نسي موسى الطريق الى ربه وضلّ عنه ، وهذا غير واضح . وتكلم المفسرون في السامري كلاماً طويلا ، عن أصله ، واسمه وهل هو من بني اسرائيل او هو قبطي . وهذا كله كلام طويل لا طائل تحته . والسامري يهودي من بني اسرائيل دجّال . ثم ردّ عليهم الله سبحانه مقبّحاً افعالهم ، مسفِّهاً أحلامهم بقوله : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } . افلا يعتبرون ويتفكرون في ان هذا العِجل لا يتكلم ولا يردّ على اقوالهم ، وانه لا يستطيع ان يدفع عنهم ضرراً ، ولا ان يجلب لهم نفعا ، فكيف يتخذونه إلهاً ! وتقدير الكلام : أفلا يرون انه لا يرجعُ اليهم قولاً . وليس اتخاذ العجل من الذهب إلهاً بغريب على اليهود ، فإنهم عبيد الذهب والمادة منذ خُلقوا . ومن يقرأ التلمود يجد العجائب في استحلال كل شيء في سبيل المال والحصولِ عليه ، فهم يحلّلون كل وسيلة في أخذ المال من غير اليهود لأن كل ما في الارض لهم وحدهم . قراءات : قرأ الجمهور : على أثري بفتح الهمزة . وقرأ رويس عن يعقوب : على إثري بكسر الهمزة وسكون الثاء . قرأ نافع وعاصم : بملكنا بفتح الميم . وقرأ ابن كثير وابن عامر وابو عمرو ويعقوب : بملكنا بكسر الميم . وقرأ حمزة والكسائي وخلف : بملكنا بضم الميم وهي ثلاث لغات . وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم ، ورويس عن يعقوب : حملنا بضم الحاء وتشديد الميم المكسورة . وقرأ ابو بكر وحمزة وابو عمرو والكسائي : حملنا بفتح الحاء والميم مخففة بدون تشديد .