Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 61-70)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

على أعينِ الناس : علناً أمام جميع الناس ، كما يقال : على رؤوس الأشهاد . فرجعوا الى أنفسهم : ففكروا وتدبّروا . ثم نكسوا على رؤوسهم : بعد أن أقرّوا انهم ظالمون ، انقلبوا من تلك الحال الى المكابرة والجدل بالباطل . { قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } . واتفقوا أن يحاكموه علناً على رؤوس الأشهاد فقالوا : أحضِروه أمام جميع الناس ليشهدوا عليه وتكون شهادتهم عليه حجةً لنا . فلما أتوا به قالوا له : أأنت كسرتَ هذه الآلهة وجعلْتَهم قطعا ؟ وطلبوا منه ان يعترف بذنبه . فأجابهم جواباً ذكياً لطيفا ، أدهشهم وحيّرهم إذ قال : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } فاسألوه واسألوا أصنامكم ليُخبروكم إن كانوا يتكلمون . فكانت مقالةُ إبراهيم عليه السلام حجةً شديدة الوقع في نفوسهم وحيّرتهم ولم يعرفوا ما يقولون . { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } فكأنهم أفاقوا من غفلتهم لحظات ، فراحوا يلومون أنفسَهم ويقولون : حقيقةً إنكم أنتم الظالمون ، كيف نعبدُ آلهة لا تدفع الأذى عن نفسها ! { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } . ثم عادوا إلى جهالتهم كأنهم وقفوا على رؤوسهم ، وانقلبوا من الرشادِ الى الضلال ، وقالوا لإبراهيم : أنت تعلم ان هؤلاء لا يتكلمون فكيف تطلبُ منا ان نسألهم ؟ وهنا ظهرت حجةُ ابراهيم واضحة ، ورأى الفرصة سانحة لإلزامهم الحجة فقال : { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } . فقال إبراهيم متهكماً عليهم : لقد أقررتُم أن هذه الأصنام لا تنطق ولا تردّ أذى ولا تنفع ، ومع ذلك تعبدونها من دون الله ، متى ترتدّ اليكم عقولكم ! أفٍّ لكم وقبحاً لآلهتكم . ولما بان عجزُهم وظهر الحقّ أخذتهم العزّةُ بالإثم كما تأخذ الطغاة حين يفقدون الحجة ، فلجأوا الى استعمال القسوة . وذلك ما يشير إليه قوله تعالى : { قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } . هنا لجأوا الى منطق العُتاة وفعل الطغاة ، فقالوا : احرِقوا إبراهيم هذا بالنار ، وانصروا آلهتكم عليه بهذا العقاب ، إن كنتم تريدون نصرها . ولكن الله تعالى أبطَلَ كيدهم ، ودفع عنه الهلاك بمعونته وتأييده فقال : { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } . أوقَدوا ناراً عظيمة ليحرقوه ثم ألقوه فيها ، فقلنا للنار : كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ، فلم تضرّه بإذن الله ، ونجا منها ، وكانت معجزةً كبرى لابراهيم . لقد أرادوا ان يبطشوا به ويهلكوه بالنار ، فنجّيناه ورددنا كيدهم في نحورهم وجعلناهم الخاسرين . ونقل كثير من المفسرين كلاماً كثيراً في سيرة ابراهيم من الاساطير القديمة نضرب عنه صفحا لعدم الفائدة منه .