Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 51-60)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

رشده : هدايته . التماثيل : الاصنام . لها عاكفون : مواظبون على عبادتها . فطرهن : أوجدهن . لأكيدنَّ أصنامكم : لأدبرنّ لها تدبيرا يسوؤكم . جُذاذا : قطعا . { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } . لقد أعطينا إبراهيمَ النبوة والهداية الى التوحيد الخالص ، من قبلِ موسى وهارون ، وكنّا عالمين بفضائله التي تؤهله لحمل الرسالة . كان ابراهيم من أهل " فدان آرام " بالعراق ، وكان قومه أهلَ أوثان ، وكان أبوه نجارا ينحت التماثيل ويبيعها لمن يعبدها من قومه ، وقد أنار الله قلب إبراهيم وهداه الى الرشد فعلم ان الأصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع . { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ؟ } اذكر أيها النبي حين استنكر إبراهيمُ عبادة الأصنام وقال لأبيه وقومه : ما هذه الاصنام التي تعبدونها وتظلون ملازمين لها ؟ { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } لم يجدوا جواباً مقنعاً فلجأوا إلى التشبّت بالتقليد ، لذلك قالوا : إننا نعبدها كما عَبَدَها آباؤنا من قبل ، فنحن مقلّدون لهم . فكان ابراهيم معهم صريحا ، واجابهم ببيان سوء ما يصنعون : { قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } . لم يقنع ابراهيم بجوابهم هذا ، وقال لهم إنكم أنتم وآباؤكم في ضلال واضح بعبادتكم لهذه التماثيل التي لا تنفع ولا تضر . فأجابوه إجابة مستفهِمٍ متعجّب مما يسمع ويرى : { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ ؟ } . لمّا سمعوا ما في كلام ابراهيم مما يدل على تحقير آلهتهم ، استبعدوا ان يكون جادّاً فيما يقول ، فقالوا : هل ما تقوله هو الحق ، أم أنت هازل من اللاعبين ! ؟ . عند ذاك ردّ عليهم ببيان الحق وذكر الإله الذي يستحق العبادة : { قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } . قال : جئتكم بالحق لا باللعب . ثم بيّن لهم ان الإله المستحق للعبادة هو ربُّ السماوات والأرض الذي خلق كل شيء ، فمن حق هذا الإله وحده أن يُعبد ، وانا على ما اقول لكم من الشاهدين . وبعد ان أقام البرهان على إثبات الحق نوى الشر في نفسه لهذه الآلهة التي جمدوا على عبادتها ، ولم تُفدْهم موعظةٌ ولا برهان عن الغواية بها ، فأقسَمَ في نفسه ان يُلحق الأذى بها فقال : { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } . أقسَم ابراهيم بالله انه سيكيد الأصنامَ بأن يكسرها بعد ذهابهم من معبدهم . وأقبل عليها فكسرها جميعا الا الكبير فتركه . وقد اراد بهذه الطريقة ان يُفْهم القومَ مركز آلهتهم ، ويقيم الحجة عليهم في أن تلك الاصنام لا تنفع ولا تضر . فها هي لم تستطع ان تردّ الأذى عن نفسها . أما تركُ ابراهيم كبيرها قائماً فذلك لكي يسألوه اذا كان يجيب او يتكلم . قراءات قرأ الكسائي : جذاذاً بكسر الجيم . والباقون : جذاذا بضم الجيم . { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } . وعاد القوم الى معبدهم فرأوا أصنامهم مكسَّرة قطعا ، إلا كبيرهم ، فقالوا : من الذي اعتدى على آلهتنا ففعل بها هذا العمل المنكر ! ؟ إنها لَجُرأة عظيمة وانه لمن الظالمين . قال بعضهم : سمعنا شاباً يذكرهم بالشتم والتحقير يدعى إبراهيم .