Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 38-41)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اذن : رخِّص . صوامع : واحدها صومعة ، وهي معابد الرهبان خارج المدن . وبيَع : واحدتها : بيعة ، وهي الكنيسة . وصلوات : معابد اليهود . ومساجد : معابد المسلمين . { إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } . قراءات قرأ ابن كثير وابو عمرو : ان الله يدفع بدون الف . إن الله يدفع عن عباده المؤمنين شرَّ المعتدين ، ويحميهم وينصرُهم بإيمانهم . وفي الآية تمهيد لما في الآية التي بعدها من الاذن في القتال ، فهو يدافع عن الذين آمنوا لأنه يدافع عن دِينه ، ولا يحب الخائنين لأماناتهم ، المبالغين في كفرهم بربّهم . وكان المؤمنون وهم في مكة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ان يطلب من الله الاذن بالقتال ، وكان المشركون يؤذونهم ويظلمونهم ، فيأتون الى النبيّ الكريم بين مضروبٍ ومشجوج في رأسه ، ويتظلمون إليه . فيقول لهم : " صبراً صبرا ، فإني لم أوذَن بالقتال ، حتى هاجر وانزل الله تعالى هذه الآية : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } . وهذه ، كما يقول العلماء ، أولُ آيةٍ نزلت بالاذن بالقتال بعد ما نُهي عنه في نيّف وسبعين آية كما رواه " الحاكم " في : المستدرَك ، عن ابن عباس . لقد أُبيح للمؤمنين ان يقاتِلوا المشركين دفاعاً عن أنفسِهم وأموالهم ووطنهم ، وان يردّوا اعتداءهم عليهم ، بسبب ما نالهم من ظلم صبروا عليه طويلا . ثم وعدهم الله بالنصر ودفع أذى المشركين عنهم : { وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } . سبق ما ذكره القرآن الكريم في هذه الآية من الاذن بالقتال ، جميع القوانين الوضعية ، وهو ان الدفاع عن النفس والمال والوطن والعقيدة - امر مشروع مهما كانت نتائجه ، وان المُدافع عن نفسه وماله ووطنه وعقيدته ، لا يؤاخذ امام الله وامام العدالة ولو قتل نفساً وأزهق أرواحا . وقد قررت الآية ان المسلمين مأذون لهم في الدفاع عن أنفسهم اذا اعتُدي عليهم . والآن وقد اعتدى علينا العدو الاسرائيلي وحلفاؤه الغربيون ، وسلب أرضنا ، فان الله تعالى أذِن لنا بالدفاع عن مالنا وانفسنا ووطننا ، فيجب علينا ان نعدّ العدة ونتسلح بالايمان الصادق ونعمل على استرداد مقدساتنا ، ولا يستطيع أحدٌ أن يلومنا اذا فعلنا ذلك ، بل إننا مقصّرون في حق ديننا وظننا اذا لم نفعل ذلك ومؤاخذون عند الله والرسول . روى احمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس : قال لما أُخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال ابو بكر : أخرجوا نبيَّهم ، إنا لله وإنا اليه راجعون ، ليهلكنَّ القوم . فأنزل الله تعالى { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ … } قال ابو بكر : فعرفتُ انه سيكون قتال . قراءات قرأ نافع وحفص : اذن للذين يقاتلون بضم الهمزة من أُذن وفتح التاء من يقاتلون . وقرأ ابن كثيرة وحمزة والكسائي : اذن بفتح الهمزة ، للذين يقاتلون بكسر التاء . ثم وصف الله هؤلاء المؤمنين بقوله : { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } . الذين ظَلمهم المشركون وأرغموهم على ترك مكة والهجرة منها بغير حق ، لأنهم آمنوا بالله وحده . { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } . ولولا ان سخّر الله للحق أعواناً يردعون الطغاة بالقوة لسادت الفوضى وعمَّ الفساد في الأرض ، وأخمدوا صوت الحق ، وهدموا صوامع الرهبان وكنائس النصارى ، ومعابد اليهود ، ومساجد المسلمين التي يُذكر فيها اسم الله كثيرا . وقد تعهّد الله بأن ينصر كلَّ من نَصَرَ دينه ، ووعدُ الله لا يتخلف ، ان الله قوي على تنفيذ ما يريد ، عزيز لا يغلبه غالب . ثم وصف الله الذين أُخرجوا من ديارهم بقوله : { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ } . هؤلاء المؤمنون الذي أُخرجوا من ديارهم هم الذين ان قوَّينا سلطانهم في الارض ، حافظوا على صلواتهم ، وعلى صِلتهم بالله ، وأدوا الزكاة وأمروا بالمعروف ، وحثّوا على كل خير ، ونهوا عن كل ما فيه شر ، ولله وحدَه مصيرُ الأمور ، واليه المرجع . قراءات قرأ ابن كثير وابو عمرو ان الله يدفع ، ولولا دفع الله بدون الف ، وقرأ نافع ان الله يدافع ولولا دفاع الله ، وقرأ نافع وابن كثير : لهدمت صوامع بدون تشديد الدال .