Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 58-64)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مدخَلا يرضونه : الجنة . بغى عليه : اعتدى عليه ، ظلم . بعد ان ذكر اللهُ أن المُلك له يوم القيامة ، وانه يحكم بين عباده المؤمنين والكافرين - ذكَر هنا وعدَه الكريم للمهاجرين في سبيله بالجنّة ، ثم بين أنه ينصر الذين يُضْطَرّون إلى مفارقة أوطانهم في سبيله ، والذين يُعتدى عليهم ، وجميعَ المظلومين ، وذكر بعض آياته التي تتجلّى في صفحات الكون ونواميس الوجود . { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوۤاْ أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } الذين تركوا أوطانهم ، وفارقوا أهلَهم وعشيرتهم ، حفاظاً على عقيدتهم وابتغاءَ رِضوان الله ، ثم قُتلوا في ميدان الجهاد ، أو ماتوا على فراشِهم - لهم عند الله رزقٌ أكرمُ من كل ما تركوا في ديارهم . هذا وعدٌ من الله لهم بالعوض الكريم وهو خير الرازقين . ثم بيّن هذا الرزقَ الحسن بقوله : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ } وهذا تعهّدٌ من كريم بأن يُدخلهم الجنة ، ويحقّقَ لهم ما يرضونه ، ويكرِمهم بما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ، ولا خَطَرَ على قلب بشر . وإنه عليم بما وقع عليهم من ظلمٍ وأذى ، وبما يرضي نفوسهم ويعوّضها ، حليمٌ يمهِل ، ثم يوفّى الظالمَ والمظلومَ الجزاء الأوفى . { ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } ذلك شأننا في مجازاة الناس ، لا نظلِمهم شيئا . والذي يقتصّ ممن جنى علي ، ويجازيه بمثل اعتدائه عليه دون زيادة ، ثم اعتُدي عليه بعد ذلك ، فإن الله ينصره على من تعدّى عليه . واللهُ كثير العفو والمغفرة ، فهو يستُرُ هفواتِ عباده الطائعين ويعفو عنهم . { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } . ذلك النصر الذي ينصره الله لمن بُغي عليه هيِّن على الله ، لأنه قادر على كل شيء ، ومن آياتِ قدرته البارزة هيمنتُه على العالَم ، فيداول بين الليل والنهار ، بأن يزيد في أحدِهما ما يُنْقِصُه من الآخر ، فتصير بعض ظلمة الليل مكانَ ضوء النهار ، وعكس ذلك . والقادرُ على هذا الكون ، قادرٌ على نصر المظلومين . وهو مع تمام قُدرته سميعٌ لقول المظلوم بصيرٌ بفعل الظالم ، لا يغيب عنه شيء . { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } ذلك الاتصاف بكمال القدرة ، والتصرّفُ المطلق في الكون ، إنما هو لأن الله هو الحق الذي لا اله معه غيره ، وأن ما يعبده المشركون من الأصنام هو الباطل . وهو العليُّ لا سلطان فوق سلطانه ، وهو الكبير الذي وسع كل شيء قدرةً وعلما ورحمة . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } الم تتبصّر ايها العاقل بما ترى حولك من مظاهر قدرة الله ، فهو الذي ينزل الماءَ من السماء فيُحيي به الأرضَ فتنبت أنواعاً مختلفة من النبات بديعةَ الألوان والأشكال تسرّ الناظرين ، انه تعالى لطيف يصِل عِلمه الى الدقيق والجليل ، خبير بمصالح خلقه ومنافعهم . { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } كل ما في السماوات والأرض وما في هذا الكون مِلكٌ له ، يتصرف فيه كما يشاء ، فما به سبحانه حاجةٌ الى من في السماء والأرض … انه الغنيُّ عن الجميع ، وهو المحمود على نِعمه المشكور عليها من جميع خلقه . قراءات قرأ ابن عامر : ثم قتّلوا بتشديد التاء . والباقون : ثم قتلوا بالتخفيف ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو بكر : وان ما تدعون من دونه بالتاء والباقون : ما يدعون بالياء .