Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 65-70)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المنسك : موضع العبادة ، والشريعة والمنهاج . ناسكون : عابدون فيه ، ملتزمون به . والناسك : العابد ، والنسك العبادة . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم … } ألا تنظرُ أيها العاقل الى مظاهر قدرة الله ، كيف يسَّر للناس جميعا الانتفاعَ بالأرض وما فيها ، وهيّأ لهم البحرَ تجري فيه السفنُ بمشيئته ، وسيّرَ هذه الأجرامَ السماوية بنظام محكَم لا يختل ، وامسك كل ما في السماء ان تقع على الارض ، وذلك بقدرته ! ! لقد تجلَّتْ مشيئة الله ورأفته بالعباد بان هيّأ غلافاً جوياً يحتوي على العناصر الغازية التي لا غنى للحياة عنها ، كما يحمي سكانَ الأرض من الإشعاعات الكونية وأسرابِ الشهب والنيازك التي تَهيم في الفضاء ، وتتساقط . وعندما تدنو من الارض تحترق في جوّها العلوي قبل ان تصل الى سطح الأرض . ومن رحمته تعالى بنا أن سقوط النيازك الكبير التي تدمر سطح الأرض نادرُ الحدوث جداً ، وهو يتم في الأماكن الخالية من السكان . وفي هذا تأييدٌ وتصديق لقوله تعالى : { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } . كَم في هذا الكون وهذه الارض من قوة ؛ وكم من ثروة سخّرها الله لهذا الانسان ؟ والانسانُ غافل عن قدرة الله ونعمه التي لا تحصى . { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } وهو الذي أنعم عليكم بهذه الحياة بعد أن كنتم تراباً ، ثم يُميتكم حين تنقضي آجالكم ، ثم يحييكم يومَ القيامة للحساب والجزاء ، فيلقى كلٌّ حسابه . ثم بيّن طبيعةَ الانسان التي فُطِرَ عليها بقوله : { إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } أي أن الانسان مع كل هذه الدلائل والنعم يظل شديد الجحود بالله وبنعمه عليه . { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ … } لقد جعلنا لأهل كل دين من الأديان شريعةً خاصة يعملون بها ، ومنهجاً يسيرون عليه ويعبدون الله به ، فلا ينبغي للمشركين من قومك أن ينازعوك في أمر هذا الدين … فاثُبتْ أيها الرسول على دِينك ، ولا تلتف لمجادلتهم واستمرَّ في الدعوة الى ربِّك كما أمرك . إنك تسير على هدى من ربك مستقيم ، وشريعة توصل الى السعادة . { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } . وإن أصرّ هؤلاء المشركون على المجادلة ، فأعرض عنهم وقل لهم : اللهُ أعلم بأعمالكم . إن الجدل يجدي مع القلوب المستعدّة للهدى ، لا مع القلوب التي تصر على الضلال ، فلا ضرورة لاضاعة الوقت والجهد معهم . { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } دعْهُم في غيّهم يا محمد ، فقد انْذرتَ ، وقل لهم : الله هو الذي يحكم بين الناس جميعاً يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون . وعندها يتبين المحقّ من المبطِل ، فيثيب المهتدي ، ويعاقب المضليّن . { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } . ألم تعلم أيها الرسول ان الله يحكم بعلمٍ كامل ، وهو محيطٌ بكل ما بكل ما في السماء والأرض ، لا يندُّ عنه سبب ، ولا تخفى عليه خافية في العمل والشعور … كلّ ذلك ثابتٌ عنده في لوحٍ محفوظ ، واثباتُه وحفظه يسيرٌ عليه كل اليسر .