Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 71-76)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سلطانا : حجة ، برهانا . نصير : ناصر ، معين . يسطون : يبطشون . يستنقذوه : يخلّصوه . يصطفي : يختار . { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً … } . وأعجبُ شيء ان هؤلاء المشركين يعبدون أوثاناً واشخاصاً ولا يعبدون الله ، مع أن هؤلاء الذين يعبدونهم لم ينزل بهم كتاب من الله ولم يقم دليلٌ على أنهم آلهة … ليس لهؤلاء الظالمين ناصرٌ يوم القيامة ولا معين . { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ … } . وهؤلاء الجاحِدون لا يناهضون الحُجَّة بالحجةِ ، وإنما يلجأون الى العنف والبطش ، فإذا تُليتْ عليهم آياتنا الواضحة تلحظ في وجوهِهم الحَنَقَ والغيظ . بل يحاولون البطشَ بالّذين يتلُون عليهم هذه الآيات . ثم بين الله أن هذا الغيظَ الكمين في نفوسهم ليس بشيء إذا قِيسَ بما سيلاقونه من العذابِ يوم القيامة فقال : { قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ … } . قل لهم ايها النبي : هل أخبركم بشرٍّ من غيظِكم وبطشكم ؟ إنه النارُ التي وعدَ الله الكافرين أمثالكم يوم القيامة ، وبئس المصير . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ … } . يعلن الله في هذه الآية على الناس جميعا ضعفَ هذه المعبودات المزيفة ، فهي عاجزة عن خَلق ذباب واحد على حقارته ، بل اعجب من ذلك انها عاجزةٌ عن مقاومة الذباب . فلو سلبهم شيئا لما استطاعوا ان يخلصوا ذلك الشيء منه . وما اضعف الذي يهزم امام الذباب ! فكيف يليق بانسان عاقل أن يعبد تلك الأوثان ويلتمس النفع منها ! ويختم الله تعالى هذه الآية بعبارة ناطقة مصوِّرة للحقيقة : { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } . ما أضعف الطالب وهو تلك الآلهة ، وما أضعف المطلوب وهو الذباب ! { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } ما عرفَ هؤلاء المشركون الله حق معرفته ، ولا عظّموه حق تعظيمه ، حين اشركوا به في العبادة اعجز الاشياء ، وهم يرون آثار قدرته وبدائع مخلوقاته . { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } اقتضت ارادة الله تعالى وحكمته ان يختار من الملائكة رسُلا يبلّغون الانبياءَ الوحي ، ويختار من البشر رسلا ، ليبلّغوا شرعه الى خلقه ، فكيف يعترض المشركون على من اختاره رسولاً اليهم ؟ انه تعالى سميعٌ لأقوال عباده بصيرٌ بهم ، فيعلم من يستحقّ ان يختار منهم لهذه الرسالة . { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } يعلم سبحانه مستقبل احوالهم وماضيَها ، فهو يسمع ويرى ويعلم عِلماً شاملاً لا يندّ عنه حاضر ولا غائب ، وإليه وحدَه مرجعُ الأمور كلّها ، فهو الحَكَم الأخير ، وله السيطرة والتدبير .