Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 51-56)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أُمتكم : ملّتكم وشريعتكم . فتقطعوا : تفرقوا وتمزقوا . زُبُرا : قطعا وجماعات واحدها زُبْرة . فذرهم : دعهم واتركهم . في غمرتهم : في جهلهم ، وأصل الغمرة الماءُ الذي يغمر القامة ويسترها . حتى حين : الى ان يموتوا فيستحقوا العذاب . { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } هذا نداءٌ لجميع الرسُل في كل زمان ومكان ، ان يأكلوا من الحلال الطيب ، وان يعملوا في هذه الدنيا ويعمُروها ، فالعملُ من مقتضيات البشرية . فالرسُل كلُّهم يتلقَّون من عند الله ، لا فرقَ بين أحدٍ منهم والآخر . وهذا النداء ، وإن كان موجَّهاً الى الرسُل والأنبياء فانه ايضاً لأممهم جميعاً . فهو نداء لجميع الناس في جميع الأقطار أن يأكلوا من الحلال الطيب ، وان يعمروا هذه الارضَ ، بالأعمال الصالحة . ثم قال في ختام الآية : { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } لا يخفى عليَّ شيء منها ، وأنا مجازيكم على ما تعملون . { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } يقرر الله تعالى في هذه الآية وَحدةَ الأديان ، وأنها كلّها من عنده ، غايتها واحدة ، هي الدعوةُ إلى عبادة الله وحدَه لا شريكَ له ، والعملُ على إحياء هذه الأرض ، والجدّ والكدّ في سبيل الأمة وتماسكها ووحدتها . وفي هذا دليل كبير على وَحدة الدين ، وأن الأديان جميعَها من عند الله ، لكن الأمم اختلفت وخالف الناسُ رسُلَهم واتبعوا أهواءهم فبدّلوا وغيّروا وتفرقوا شِيعاً واحزاباً ، كما قال : { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } . فتفرّق أتباع الرسُل والأنبياء فِرقاً وأحزابا ، وأصبح كلّ فريقٍ معجَباً بنفسه ، فرِحاً بما عنده ، معتقدا أنه على الحق وحده . فبعد ان كان الرسل أمةً واحدة ذاتَ كلمة واحدة وعبادة واحدة تفَرّق الناس من بعدِهم شيعاً واحزابا لا تلتقي على منهج ولا طريق . { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } . الخطابُ للنبيّ الكريم عليه صلواتُ الله وسلامه ، فاترك الكافرين يا محمد في جَهالتهم وغفلتِهم ما دمتَ قد أدَّيتَ رسالتك ، حتى يقضيَ الله فيهم فيفاجئهم المصيرُ حينَ يجيء موعده المحتوم . قراءات : قرأ اهل الكوفة : وإِنَّ امتكم بكسر الهمزة . وقرأ ابن عامر : وان بكسر الهمزة وسكون النون . والباقون : وان بفتح الهمزة وتشديد النون . ثم بين خطأهم فيما يظنون من أن سعةَ الرزق في الدنيا علامةُ رضا الله عنهم في الآخرة فقال : { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } . أيظن هؤلاء المغرورون ان المقصود مما نعطيهم من الأموال والأولاد والرزقِ الواسع هو المسارعةُ بالخيرات لهم ! إنما هي فتنةٌ لهم وابتلاء ، إنهم لا يشعرون أنني غيرُ راضٍ عنهم ، ولا أن هذه النعم استدراجٌ منّي لهم ، ثم وراءها المصيرُ المظلم .