Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 35-38)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المشكاة : الكوّة في الحائط غير نافذة يوضع فيها المصباح . الزجاجة : القنديل من الزجاج . دريّ : مضيء متلألىء نسبةً الى الدر . لا شرقية ولا غربية : يعني في مكان متوسط ، لا شرقية فتُحرم حرارة الشمس آخر النهار ، ولا غربية فتحرمها أول النهار . الغدوّ : جمع غدوة : الصباح . الآصال : جمع أصيل ، وهو المساء . { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } الله مصدرُ النور في هذا الكون ، فهو منوِّرُ السماواتِ والأرضِ بكلّ نورٍ حسّي نراه ونسير فيه ، وبكل نورٍ معنويّ كنور الحق والعدل ، والعلم والفضيلة ، والهدى والايمان . إن مَثَلَ نوره الباهر في الوضوح كمَثَلِ نور مصباح شديد التوهج ، وُضع في فجوة من حائط يشعّ نوره ، وقد وُضع المصباح في زجاجة يتلألأ نورها كالدّر ( والعربُ تسمي النجومَ العظام الدَّراري ) ، ويستمدّ هذا المصباح وقودَه من زيتِ شجرةٍ مباركة طيبة التربة والموقع ، زيتونةٍ مغروسة في مكان معتدل لا يسترها عن الشمس في وقتِ النهار شيء ، فهي شرقية غربية ، تصيبها الشمسُ بالغداة والعشي ، يكاد زيت هذه الشجرة لشدة صفائه يضيء ولو لم تمسّه نار المصباح . { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ } نور مترادِف متضاعف تجمَّع فيه نور المشكاة والزجاج والمصباح والزيت ، وفق ذلك كله نورُ رب العالمين بهدْيه الناسَ الى الصراط المستقيم . { يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ } وهكذا ، تكون الشواهد المنبثة في هذا الكون ، الحسّيُّ منها والمعنوي ، آياتٍ واضحةً لا تدع مجالاً للشك في وجود الله ، والله يوفق من يشاء الى الإيمان ، إذا حاول الانتفاعَ بنور عقله . وهو يأتي بالأمثلة المحسوسة ليسهّل على الناس إدراكها ، ولما فيها من الفوائد والنصح والارشاد . وهو سبحانه واسع العلم ، محيطٌ بكل شيء ، يعطي هدايته من يستحقّها ممن صفَتْ نفوسهم واستعدّوا لتلقي احكام الدين وآدابه . قراءات : قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص : دُرّي بضم الدال وتشديد الراء بدون همز . وقرأ ابو عمرو والكسائي : دِريء بكسر الدال والهمزة . وقرأ حمزة وعاصم : دُرِّيءٌ بضم الدال وتشديد الراء وبالهمزة المضمومة في آخره . وقرأ ابن كثير وابو عمرو : تَوقَّدَ بفتح التاء والقاف المشددة وفتح الدال على انه فعل ماض . وقرأ نافع وابن عامر وحفص والكسائي : يُوقَدُ فعل مضارع بضم الياء وفتح القاف وضم الدال فعل مضارع مبني للمجهول كما هو في المصحف . وقرأ حمزة وأبو بكر : تُوقدُ بضم التاء والدال . { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ رِجَالٌ … } الآية . ذلك النور المشعّ في السماوات والأرض يتجلّى في بيوت الله ( وهي المساجد ) التي تتصل فيها القلوب بالله . روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : المساجدُ بيوت الله في الأرض ، تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الارض . أمر الله ان تبنى وتعظَّم وتعمر بذكر الله من رجالٍ لا تَشغَلُهم الدنيا وزخرفها ولا بيوعهم وتجاراتهم عن ذكر الله … فهم يعملون للدنيا في الأسواق والحقول والمصانع ، ويعملون للآخرة فيؤدون جميع فروضهم وواجباتهم ، فلا تشغلهم الدنيا عن الآخرة ، ولا الآخرة عن الدنيا . وهم مع هذا يخافون هولَ يوم القيامة الذي تضطربُ الأفئدة من شدّته ، وتشخَصُ فيه القلوب والأبصار في حيرة ودهشة . والله تعالى مع كل ذلك يطمئِنُ المؤمنين ويبين مآل أمرِهم وحُسْنَ عاقبتهم بقوله : { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } إنها بشرى عظيمة للذين آمنوا واحسنوا ، فانه بعد أن يجزيهم أحسنَ ما عملوا يزيدُهم من فضله . { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ما أحسنَ هذه البشرى وما اعظم فضل الله . قراءات : قرأ ابن عامر وابو بكر : يسبح بضم الياء وفتح الباء . والباقون : يسبح بضم الياء وكسر الباء .