Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-6)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تبارك : عظمت بركته ، والبركة كثرة الخير لعباده بإنعامه عليهم . الفرقان : القرآن ، وسمي الفرقان لانه فرق بين الحق والباطل . على عبده : على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . الافك : الكذب . افتراه : اختلقه . فقد جاؤا ظلما : قالوا باطلا . زورا : كذبا . أساطير الاولين : خرافات الأمم السابقة . اكتتبها : نقلها عن غيره . تُملى عليه : تلقى عليه ليحفظها . بُكرةً وأصيلا : صباحا ومساء . تعالى الله عما سواه ، صاحب البركة العظيمة ، نزّل القرآنَ الذي يَفْرُق بين الحق والباطل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم ، لينذرَ به الناس جميعا ، ويبلّغه للعالم كله ، ليجعلوه منهاج حياتهم في جميع امورهم . ثم وصف نفسه بأربع صفات انفرد بها فقال : 1 - الذي له مُلكُ السماواتِ والأرض : له السلطانُ القاهر عليهما ، وهو وحدَه المالك المتصرف في هذا الكون ، وله السيطرة المطلقة فيه . 2 - ولم يتّخذ ولداً ، وهو منزَّه عن اتخاذ الولد ، والتناسلُ من نواميس الخلق لامتداد الحياة ، والله تعالى باقٍ لا يفنى ، قادر لا يحتاج . 3 - ولم يكن له شريكٌ في المُلك ، والدليل على ذلك وَحدة هذا الكوْن ، ووحدة نظامه ووحدة التصريف ، ولو كان له شريكٌ لاختلّ النظام وتعدد . 4 - وخلقَ كل شيء فقدّره تقديرا ، وهذه هي الصفةُ الرابعة التي انفرد بها سبحانه . فقد خلق كل شيء في هذا الوجود وقدَّره تقديراً دقيقا منظَّما بنواميس تكفل له أداء مهمته بنظام . وقد أثبت العلمُ الحديث ان كل الموجودات تسير بحكم تكوينها وما يجري عليها من تطورات مختلفة وَفْقَ نظامٍ دقيق ثابت لا يقدِر عليه الا خالق قدير مبدع . ويُظهر تقدُّمُ العلم للناس إعجاز القرآن الكريم ومعنى قوله تعالى { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } . { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً } مع كل هذه الأدلة الظاهرة اتخذ المشركون أرباباً لهم ضِعافاً عاجزين ، لا يقدِرون ان يخلقوا شيئا ، وهم مع ذلك مخلوقون ، ولا يستطيعون ان يدفعوا عن انفسهم الضرر ، ولا جلْبَ الخير لها . وكذلك لا يستطيعون إماتة أحدٍ ولا إحياءه ، ولا بعثاً من القبور . فهل يستحق هؤلاء ان يُعبَدوا ؟ { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ … } وزعم الجاحدون أن هذا القرآن ليس من عند الله ، وان النبيّ عليه الصلاة والسلام جاء به من عنده ونَسَبه الى الله ، أعانه على وضعه جماعةٌ من أهل الكتاب ممن أسلموا ، فردّ الله عليهم بقوله : { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } . لقد كذبوا في مقالهم ، وظلموا وزوّروا الحقيقة ، ولو أنه من عند محمدٍ نفسه لاستطاع كثير من الفصحاء أن يأتوا بمثله ! ! وقد تحدّاهم أكثر من مرة أن يأتوا بسورةٍ من مثله فلم يستطيعوا … ولا يزال التحدي قائما . ثم أمعنوا في الكذِب والافتراء بأن قوماً آخرين أعانوه عليه كما قال تعالى : { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } . وقالوا ايضا : إن القرآن ليس إلا خرافاتِ الأولين الماضين نَقَلَها محمّد ان قُرئت عليه صباحاً ومساء حتى يحفظها ويقولها للناس . فأجابهم الله بقوله : { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } قال لهم أيها النبي : ان هذا القرآن أنزله الله الذي يعلم الأسرارَ الخفية في السماوات والارض ، الرحيمُ الغفور .