Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 63-77)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هونا : برفق ولين ، يمشون بسكينة ووقار . الجاهلون : السفهاء . سلاما : مسالمة ومسامحة . غراما : هلاكا . لم يسرفوا : لم يجاوزوا الحدود في النفقة . ولم يقتُروا : لم يضيّقوا على عيالهم بالبخل والشح . قَواما : وسطاً . مَتاباً : مرجعا حسنا . مرّوا كراما : لم يخوضوا باللغو مع الخائضين . لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا : انهم يتفهمون ما يلقى عليهم ، ولا يأخذونها بدون فهم . قرة أعين : ما يسر الأعين ويفرحها . واجعلْنا للمتقين إماما : المام يُستعمل للمفرد والجمع . الغرفة : كل بناء مرتفع ، والمراد بها هنا الدرجات الرفيعة . ما يَعبأ بكم : لا يعتدّ بكم . دعاؤكم : عبادتكم . لزاما : لازما . { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً … } . ختم الله تعالى هذه السورةَ الكريمة بصفاتِ عباده المؤمنين ، وبيّن فيها ما لهم من فاضِل الصفات وكامل الاخلاق التي تميّزوا بها ، وكانوا قدوة للعالم حين أعطوا المَثَلَ الأعلى في العدل والمساواة والتسامح . وقد عدّد في هذه الآيات إحدى عشرة صفة مما تَشْرئبّ اليها اعناق العاملين ، وتتطلع اليها نفوس الصالحين ، الذين يبتغون المثوبة . وهي : 1 - فعباد الرحمن هم المتواضعون لله ، يمشُون في سَكينة ووقار غيرَ متكبرين . وليس معنى هذا أنهم يمشون متماوتين منكّسي الرؤوس كما يفهم بعضُ الناس ممن يريدون إظهار التقوى والصلاح ، كلا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعَ الناس مِشيةً وأحسَنَها وأسكنها . 2 - واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما : اذا اعترضهم السفهاءُ وسبّوهم وآذوهم بالقول السّيء لم يقابلوهم بمثله ، بل يعفون ويصفحون ، فهم حُلماء لا يجهلون ، واذا جُهِلَ عليهم حَلِموا ولم يسفهوا . 3 - والذين يبيتون لربهم سجَّداً وقياما . والذين يصلّون في الليل ، لان العبادة في الليل أبعد عن الرياء . قال ابن عباس : من صلى ركعتين او اكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجدا . وليست العبادة بالكثرة ، ولكنها بالاخلاص والخشوع والنية الصافية . 4 - والذين يقولون ربَّنا اصرفْ عنا عذابَ جهنم … وهم يغلِّبون الخوف على الرجاء فيسألون الله تعالى ان يبعد عنهم عذاب جهنم وشديد آلامها . فانها بئس المنزل مستقرا ومقاما . 5 - والذين إذا أنفقوا لم يُسرِفوا ولم يَقْتُروا … ومن صفاتهم العالية الاعتدال في انفاقهم المال ، فهم ليسوا بالمبذرين في انفاقهم ، ولا ببخلاء على انفسهم وأهليهم ، وهم اجواد في مصالح الناس والوطن وعمل الخير . 6 - والذين لا يدْعون مع الله إلهاً آخر … والذين لا يعبدون غير الله ولا يشركون به احدا ، بل يخلصون له العبادة والطاعة . 7 - ولا يقتلون النفسَ التي حرَّم الله لا بالحقّ . لا يُقْدِمون على هذه الجريمة الكبرى بغير حق ، { مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } [ المائدة : 32 ] . 8 - ولا يزْنُونَ ، ومن يفعلْ ذلك يَلْقَ أثاما . ولا يقدمون على هذه الجريمة القبيحة التي كانت متفشية في الجاهلية . فقد كرمهم الله تعالى بنفي هذه الصفات السيئة عنهم وبذلك كانوا عباد الرحمن حقا . 9 - والذين لا يشهدون الزورَ ، وإذا مرّوا باللغو مَرُّوا كراما . وهذه الصفات من اخلاق عباد الرحمن ، فانهم لا يشهدون الشهدات الكاذبة ، ويكرمون أنفسهم عن سماع اللغو من القول الباطل ، ولا يخوضون مع الخائضين . 10 - والذين اذا ذُكِّروا بآيات ربّهم لم يَخِرَّوا عليها صُمّاً وعُميانا . والذين اذا ذكّروا بآيات الله واحكامه تلقَّوها بالفهم والوعي الصحيح ، ثم نفّذوها وعملوا بها . 11 - والذين يقولون : ربَّنا هبْ لنا من أزواجنِا وذريّاتنا قُرَّةَ أعينٍ واجعلْنا للمتقين إماما . ويسألون الله تعالى ان يرزقهم الزوجات الصالحات والذرية الطاهرة التي تسر نفوسهم وتقر بها أعينهم ، وان يجعلهم ائمة في الخير يقتدي بهم الصالحون ، وقد كانوا كذلك . { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } فعباد الرحمن الذين اتصفوا بهذه الصفات الكريمة الفاضلة لهم الجناتُ وأرفعُ الدرجات لقاءَ صبرهم وجهادهم . وستتلقاهم الملائكة في الجنّة بالتحيّات الزاكيات والتسليم . خالدين فيها ابدا في احسن مكان ، وأنعم بال ، وأطيب عيش . { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 23 ، 24 ] . { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } ان الله تعالى غنيّ عن العالمين ، ولولا هذه الصفوةُ من الناس الذين يعبدونه حقَّ عبادته ، وهم أهلُ هذه الصفات السامية - لما كان اللهُ يَعْبَأ بالبشريَّة جميعها . ان الله لا يُبالي بكم إذا لم تؤمنوا ، فقد كذَّبتم بدينه ، فسوف يعذّبكم عذاباً لازماً لا ينفكُّ عنكم ولا يزول .