Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 1-9)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لا يُفتنون : لا يمتحنون . الفتنة : الامتحان والاختبار . ساء ما يحكمون : قَبُح حكمهم . يرجو لقاء الله : يطمع بنيل ثوابه . أجَل الله : الوقت المضروب للقائه . جاهد : بذل جهده في حرب نفسه . جاهداك : حملاك على الشرك . { الۤـمۤ } حروف صوتية تقرأ هكذا ألف ، لام ، ميم ، افتتحت بها السورة لبيان ان القرآن المعجز مؤلَّفٌ من هذه الحروف ، ولتنبيه السامعين وتوجيه أنظارهم الى الحق ، وكل سورةٍ صدرت بهذه الأحرف تتضمن حديثا عن القرآن إما مباشرة ، واما في ثنايا السورة ، كقوله تعالى في الآية 45 من هذه السورة { ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ … } والآية : 47 { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ … } والآية 51 { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ … } { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } . ايظنّ الناس أنهم يُتركون بمجرد قولهم آمنا بالله دون ان يُختبروا بما تتبيَّن به حقيقةُ إيمانهم . لا بدَّ من امتحانهم بذلك . { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } لقد اختبرنا الناسَ من الأمم السابقة بضروبٍ من البأساء والضراء فصبروا وتمسكوا بدِينهم ، والله يعلم الذين صدقوا في ايمانهم ، ويعلم الكاذبين . روى البخاري وابو داود والنسائي " عن خَبَّاب بن الأرتّ قال : شكونا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقينا من المشركين من شدةٍ فقلنا : الا تستنصرُ لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال : قد كان من قبلِكم يؤخَذُ الرجل فيُحفَرُ له في الأرض فيُجعل فيها ، ثم يؤتى بالمنشار فيوضعُ على رأسه فيُجعل نصفَين ، ويمشَط بأمشاط الحديد لحمه وعظمه ، فما يصدُّه ذلك عن دينه . والله ليتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكبُ من صنعاء الى حضرموتَ لا يخاف إِلا الله ، والذئبَ على غنمه ، ولكنكم تستعجلون " { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ام يظن المشركون والذين يرتكبون الأمورَ السيئة أننا لا نقدِر عليهم ! ! بئسَ هذا الحكم الذي يحكمونه بجهلهم وغرورهم . { مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } من كان يؤمن بالبعثِ ، وفي لقاء الله - فان إيمانه حق ، واليومُ الموعود الذي عيّنه الله آت لا محالة ، وهو سميع لاقوال العباد ، عليم بأفعالهم . ثم بين الله تعالى أن التكليفَ بجهاد النفس وغيرها ليس لنفعٍ يعود اليه بل لفائدة الناس . { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } . ومن جاهدَ نفسه بالصبر على الطاعة ، فإن ثواب جهاده لنفسه ، والله سبحانه لا يحتاج الى شيء من اعمالنا ، كما قال : { مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ } [ فصّلت : 46 ] وقال : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } [ الإسراء : 7 ] . لقد ظن بعض المفسّرين ان هذه الآية مدنية لأن فيها { وَمَن جَاهَدَ } والصوابُ ان الآية مكّية والمراد هنا بالجهاد جهادُ النفس والصبر على الأذى . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } والذين آمنوا إيماناً صادقا وعملوا الاعمالَ الصالحة سنمحو عنهم خطاياهم ، ونجزيهم بأحسنَ مما عملوا ، وأضعاف أضعافه . { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } تقدم في سورة الاسراء { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً … } [ الآية : 23 ] . { وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ … } على المرء أن يعامل والديه بالرِفق واللين ولو كانا مشركَين ، فأما إذا ارادا منه ان يشرك بالله ، فلا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } والذين آمنوا إيماناً صادقا مع العمل الطيب الخالص لله - يدخلُهم ربهم في زمرة من أنعمَ عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين { وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } [ النساء : 69 ] .