Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 46-49)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الجدَل : الحِجاج والمناظرة ، مأخوذ من جدلَ الحبلَ وفتله ، والمُناظر يفتل خصمه عن رأيه . مسلمون : مطيعون ، خاضعون . وما يجحد بآياتنا : وما ينكر . اذاً لارتاب المبطلون : اذا لشك أهل الباطل . يؤكد القرآن الكريم على الدعوة بالرِّفق واللين ، ومجادلة اهل الكتاب بالتي هي أحسن ، ومقابلة الغضب والعصبية بالهدوء وكظم الغيظ ، فيقول { وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } . ويقول : { ٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] . ويقول : { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ المؤمنون : 96 ] . هذه أوامر الله تعالى في القرآن الكريم ، يأمرنا ان نتحلّى بالرفق واللين ، وندعو ونجادل بالتي هي أحسن . لكننا مع الأسف نجد معظم الذين يرتدون في الظاهر زِيّ الدين ، ويدعون الى الله - لا يتحلّون بهذه الاخلاق ، فتجدهم على المنابر متشنّجين متشدّدين ، وقد لا نظلمهم إذا قلنا ان بعضهم يتشنّج في خدمة جيبه ، لا خدمة ربّه . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } اما الذين ظلمونا وحاربونا وناصبونا العداء فإن الله تعالى أمرنا ان نقابلهم بالمثل ، حيث لا ينفع معهم الرفق ولا اللين . وفي مذابح لبنان وافغانستان شاهدٌ على ذلك . { وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } قولوا لهم : آمنّا بالقرآن الذي أُنزل الينا ، والتوراةِ والإنجيل ، معبودُنا ومعبودكم واحد ونحن خاضعون له ، ومنقادون لأمره . ثم بين الله انه لا عجبَ في إنزال القرآن على الرسول الكريم ، فهو على مثال ما أُنزل من الكتب من قبل فقال : { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } . كما أنزلنا الكتب على من قبلَك من الرسل أنزلنا إليك القرآن ، فالذين آتيناهم الكتابَ قبل القرآن من اليهود والنصارى - يؤمنون به ، اذ كانوا مصدّقين بنزوله حسب ما ورد في كتبهم . ومن هؤلاء العربِ من يؤمن به ، وما يكذّب بآياتنا بعد ظهورها الا المصرّون على الكفر . ثم اكد الله إنزاله من عنده ، وأزال الشبهة في افترائه فقال : { وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } . ما كنتَ يا محمد تقرأ ولا تكتب من قبل ان ينزل اليك القرآن ، وهذا أمرٌ يعلمه جميعُ أهل مكة ، ولو كنتَ تقرأ وتكتب لشكّ أهل الباطل في أن هذا القرآن من عند الله . ثم اكد ما سلف وبيّن ان هذا القرآن منزلٌ من عند الله حقا فقال : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } . ان هذا القرآن لا يمكن ان يكون موضعَ ارتياب ، بل هو آياتٌ واضحات محفوظة في صدور الذين آتاهم الله العلم . ولا ينكر آياتنا الا الظالمون للحقّ ولأنفسِهم ، الذين لا يَعدلِون في تقدير الحقائق وتقويم الأمور .