Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 64-69)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بين الله فيما تقدم ان المشركين يعترفون بان الله هو الخالق والمدبر لهذا الكون ، ومع ذلك فانهم يتركون عبادته اغترارا بزخرف الدنيا وزينتها - بين هنا ان الدنيا وما فيها باطلٌ وعبث زائل ، وانما الحياة الحقيقية هي الحياة الآخرة التي لا فناء بعدها ، ولكنهم لا يعلمون . ثم ارشد الى انهم مع اشراكهم بربهم سِواه في الدعاء والعبادة ، اذا هم ابتلوا بالشدائد كما اذا ركبوا البحر وعلتهم الامواج من كل جانب ، وخافوا الغرق - دعوا الله معترفين بوحدانيته ولكنهم سرعان ما يرجعون بعد نجاتهم ويعودون سيرتهم الأولى . { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } لينكروا ما أعطيناهم من النعم ، ويتمتعوا بلذّاتهم وشهواتهم ، فسوف يعلمون عاقبةَ الكفر حين يشاهدون العذابَ الأليم . وفي هذا تهديد كبير لو كانوا يعلمون . ثم يذكّرهم بنعمة الله عليهم باعطائهم هذا الحرمَ الآمن يعيشون فيه بأمن وسلام ، فلا يذكرون نعمة الله ولا يشكرونها . { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ؟ } لقد جعلهم الله تعالى في بلد آمن يعيشون فيه ، يعظّمهم الناس من أجل بيت الله ، ومن حولهم القبائل تقتتلُ وتتناحر ، فلا يجدون الأمان الا في ظل البيتِ العظيم . وقد من الله عليهم بقوله : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } . ثم بين ان العقل كان يقضي بأن يشكروا هذه النِعم ، لكنهم كفروا بها فقال : { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ ؟ } . ولما وضحت الحُجة ، وظهر الدليل ، ولم يكن لهم فيه مقنَع - بين انهم قوم ظلمة مفترون مكذبون فقال : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } . ليس هناك احدٌ أشدَّ ظلماً ممن نَسَب الى الله ما لم يشرعه ، او كذّب بالدين الحق . ان مثوى هؤلاء واشباههم جَهنمُ وبئس المصير . ثم يختم السورةَ بصورة المؤمنين الّذين جاهدوا في الله ، واحتملوا الأذى ، وصبروا ولم ييأسوا ، الذين اهتدوا بهدى الله وساروا على الصراط المستقيم فقال : { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } . أولئك لن يتركهم الله وحدهم ولن يضيع ايمانهم ، ولن ينسى جهادهم ، وان الله لمعهم يعينهم ويؤيدهم بالنصر والتوفيق . قراءات : قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : لْيكفروا ولْيتمتعوا ، بسكون اللام . والباقون : لِيكفروا وليتمتعوا ، بكسر اللام .