Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 144-145)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في غمرة المعركة وساعة المحنة ، وحيث انقلبت الكفة ودارت الدائرة على المسلمين قُتل مصعب بن عمير . وكان مصعب يشبه النّبي شبهاً تاما ، فنادى قاتلُه : قتلتُ محمداً . في تلك الساعة الحرجة قال أنس بن النضر ( وهو عم أنس من مالك ) : يا قوم ، ان كان محمد قد قُتل فان رب محمد حيّ لا يموت ، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ! قاتِلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه . ثم شد سيفه وقاتل حتى قُتل . فالله سبحانه وتعالى هنا يخاطب هؤلاء بقوله : ليس محمد إلا رسول قد مضت قبله الرسل ، فماتوا وقُتل بعضهم ولم يُكتب لأحد منهم الخلود . وسيموت محمد كما ماتوا ، أفإن مات أو قُتل رجعتم على اعقابكم الى الكفر ! ان من يرجع الى الكفر في تلك الحال لن يضر الله شيئاً ، وانما يضر نفسه ، بتعريضها للعذاب . ويرشدنا الله في هذه الآية الى ان نتّبع الرسول ونسترشد برسالته وهدية ودينه ، اما ما يصيب جسمه من جرح أو ألم . وما يعرض له من حياة وموت فلا مدخل له في صحة دعوته ، ولا لخضوعنا نحن . ذلك ان محمداً بشر مثلنا خاضع لسنن الله . { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله … } فالموت والحياة بيد الله ، ولا يمكن ان تموت نفس إلا بإذن الله ، وفي أجل معين يعلمه الله ، لا يتقدم ولا يتأخر . لذلك ، قد يموت الصغير ويبقى الكبير ، ويفتك المرض بالشابّ القوى فيما يعيش المريض العليل . وقد يسلم المقدام في الحرب ويُقتل الجبان . ومن ثم لا عذر للمرء هنا في الوهن والضعف . وفي الآية تحريض على الجهاد ، والذي تركناه اليوم لليهود ، فهم يجاهدون عن وطنهم المزعوم ونحن قاعدون مستسلمون لنكبة وطننا الحق ، نريد من الأمم أن تحل قضيّتنا . ألا بئس ما نحن فيه ! ما دام الأجل محتوماً ، ومؤقتا بميقات ، فلماذا هذا الجُبن والخور ! { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا … } ومن قصَد بعمله حظَّ الدنيا أعطاه الله ثوابها ، ومن قصد الآخرة اعطاه الله حظاً من ثوابها وأجزله له ، وسيجزي الله الشاكرين لنعمائه ، وهم الذين أطاعوه فيما أمرهم به وجاهدوا وصبروا مع النبي صلى الله عليه وسلم . وقد كرر تعالى : قوله : { وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ } حتى يعلم كل انسان ان الله كريم لا يُضيع أجر من أحسن عملا .