Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 52-60)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ … } مر في سورة النمل في الآية 80 و 81 بالنص . فالله تعالى هنا بعد تصوير تقلبات البشر وفق أهوائهم ، وعدم انتفاعهم بآيات الله وحججه ، يتوجه بالخطاب الى رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام يسلّيه عن إعراض المشركين من قومه وانهم كالموتى والصم لا يسمعون ، ولا يهتدون ، ولا يرجعون عن ضلالهم ، وانما الذي يسمع ويستجيب من يؤمن بآيات الله . اولئك هم المسلمون الصادقون ، المطيعون لأوامر الله ورسوله . { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ } والله تعالى خلق الأنفس في اطوارها المختلفة من ضعف الى قوة ثم يتغير حالها من قوة في حال الشباب الى ضعف ، ثم الى الشيخوخة وهرم وشيبة ، انه يخلق ما يشاء وهو العلم بتدبير خلقه ، القدير على ايجاد ما يشاء ، وفي هذا اكبر الأدلة على قدرته تعالى . { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } ويوم تقوم القيامة ويبعث الله من في القبور ، يحلف المجرمون انهم ما لبثوا في قبورهم أو في الدنيا غير ساعة من الزمن ، والواقع انهم لبثوا عمراً مديدا . كذلك كانوا يُصرَفون عن الحقّ في الدنيا فلا يرون الشيء على حقيقته . ثم بين ما يقوله المؤمنون لهم ويتهكمون عليهم فقال : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } . وقال الذين أتاهم الله العلم والايمان : لقد لبثتم في حُكم الله وقضائه في قبوركم من يومِ مماتكم الى يوم القيامة ، فإن كنتم تنكرونه فهذا هو يومُ البعث الذي انكرتموه ، ولكنكم كنتم في الدنيا لا تعلمون انه حق . { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } ان يوم القيامة لا ينفع فيه عذر ولا تُقبل شكوى ، ولا يُسترضون ولا يعاتَبون بل يذهبون الى جهنم وبئس المصير . { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } [ فصلت : 24 ] ، فلا عذر ولا إقالة . { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } . ولقد بينا لهداية الناس في هذا القرآن كل مثل يرشدهم الى طريق الهدى ، ولكنهم أعرضوا وكذبوا . ولئن جئتهم يا محمد بالآيات المعجزة الواضحة - ليقولنّ الذين كفروا ما أنت واتباعك الا مبطلون في دعواكم . كذلك يختم الله على قلوب الذين لا يعلمون حقيقة ما تأتيهم من العبر والعظات ، والآيات البينات . ثم ختم السورة بأمر الرسول الكريم بالصبر على أذاهم ، وعدم الالتفاتِ الى عنادهم حتى يأتي وعدُ الله فقال : { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ } اصبر ايها النبي على أذاهم ، انّ وعد الله بنصرك واظهار الاسلام على كل دين وعدٌ حق لا يتخلف ابدا . ( والصبر وسيلة المؤمنين في جهادهم ودعوتهم الى الله ) ، ولا يحملنّك الذين لا يؤمنون على القلق والخفة وعدم الصبر . وفي هذا ارشاد للنبيّ عليه الصلاة والسلام ولنا وتعليمٌ بان نتلقى المكاره بصدر رحب وسعة حلم … والله ولي الصابرين والحمد لله رب العالمين .