Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 36-40)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ما كان لمؤمن … : لا ينبغي لمؤمن ان يختار غير ما يختار الله . الخيرة : الاختيار . مبينا : ظاهرا . الذي انعم الله عليه . هو زيد بن حارثة انعم الله عليه بالاسلام . وأنعمتَ عليه : بالعتق والحرية . الوطر : الحاجة . الحرج : المشقة . فرض الله له : قدر الله له . خلَوا : مضوا . قَدَرا مقدورا : قضاء مقضيا . { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً … } ليس الاختيار بيد الانسان في كل شيء ، بل هناك أمور لا اختيار لمؤمنٍ ولا لمؤمنة فيها ، وهي ما حَكَمَ اللهُ فيه ، فما أمر به فهو المتّبع ، وما أرادَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فهو الحقّ ، ومن يخالفْ ما حكم به الله ورسوله { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } . نزلت هذه الآية في زينبَ بنتِ جحش ، ابنة عمةِ النبي عليه الصلاة والسلام ، فقد خطَبها الرسول الكريم ليزوّجها من زيدٍ بن حارثة مولاه ، فلم يقبل أخوها عبدُ الله ان تكون أختُه ، وهي قرشية هاشمية ، تحت عبدٍ اشترته خديجةُ ثم أعتقه الرسول الكريم . وقد اصر الرسول عليه الصلاة والسلام على تزويجها من زيدٍ لإزالة تلك الاعتبارات القائمة في النفوس على العصبيّات ، ولهدْم تقاليد العرب القديمة . " فلما نزلت هذه الآية أذعَن عبدُ الله وأختُه زينب وقبلت ان تتزوج زيدا . ولم ينجح هذا الزواج . فقد تطاولت زينب على زوجها وجعلت تتكبر عليه ، وتعيّره بأنه عبد رقيق ، وهي قرشية . وآذتْه بفخرها عليه ، واشتكى الى النّبي ذلك مرارا ، وطلب اليه ان يأذَن له بتطليقها فكان النبي يقول له : " أمسِك عليك زوجَك " . لكن زيدا لم يُطِقْ معاشرةَ زينب فطلّقها . وبعد ذلك تزوّجها الرسول الكريم ، " وهي ابنةُ عمته ، ولأنه يريد ان يُبطِل عادة التبنّي الذي كان معمولاً به في الجاهلية . وكل ذلك بأمرٍ من الله كما جاء في قوله تعالى : { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } . فالذي أنعم الله عليه هو زيد ، أنعم عليه بالاسلام ، والذي انعمتَ يا محمد عليه هو زيدٌ أيضا ، أنعمتَ عليه بالعتق من الرق وجعلته حراً . وتخفي يا محمد في نفسِك ما سيُظهره الله من ان زيدا سوف يطلق زينب وانك ستتزوجها بأمر الله . هل تخاف ان يعيّرك الناس أنك تزوّجت امرأة ابنِك ( وكان يقال له زيد بن محمد ) ؟ ان الله وحده هو الذي يجب ان تخشاه ، فانك انت القدوة في كل ما امر الله به ، وما ألقى عليك ان تبلّغه للناس ، فلتكن أيضا القدوةَ فيما أبطلَ الشارعُ الحكيم من الحقوق المقررة للتبني والادعاء . وفي ذلك نزل قوله تعالى : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } . وقد قامت قيامة المبشّرين والمستشرقين لهذا الحادث وكتبوا فيه وأوّلوا وأطلقوا لخيالهم العِنان ، وهم يعلمون حقَّ العلم أن الرسول الكريم كان مبشّرا ونذيراً ومعلّماً وداعياً الى الله بإذنه ومشرعاً يريد ان يهدِم عاداتِ الجاهلية ، ولذلك يقول تعالى : { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } . ما كان على النبي من إثمٍ في عملٍ أمره الله به ، فلا حرجَ في هذا الأمر ، وليس النبي فيه بِدعاً بين الرسل ، فهو أمرٌ يمضي وَفقَ سنّة الله التي لا تتبدل في الانبياء الذي مضوا . ثم وصف الذين خَلوا بصفاتِ الكمال والتقوى وإخلاص العبادة له وتبليغ رسالته فقال : { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } . كفى ان يكون الله الرقيبَ المحاسب ، فهو وحده يحاسبهم . { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ } وفي هذه الآية قطعٌ لألسنة المنافقين وشياطينهم من اليهود الذين قالوا إن محمداً تزوج حليلة ابنة زيد . ان محمداً ليس اباً لأحد من رجالكم حتى يحرُم عليه التزوج من مطلقته ولكنّه أبٌ للمؤمنين جميعا ، ولذلك فهو يشرّع الشرائع الباقية ، لتسير عليها البشرية ، وفق آخر رسالة السماء الى الأرض ، { وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } يعلم ما يصلح لهذه البشرية ، فقضى الله هذا وفق علمه بكل شيء . قراءات : قرأ اهل الكوفة : ان يكون لهم الخيرة بالياء . والباقون : ان تكون بالتاء . وقرأ عاصم وحده : خاتَم بفتح التاء . والباقون : خاتم بكسر التاء .