Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 15-21)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سبأ : منطقة واسعة شرقي اليمن كان بها مملكة مدينتُها مأرب . آية : علامة . جنتان : بستانان . سيل العرم : سيل المطر الشديد ، والعرم : السد الذي يمسك الماء . الأكُل : الثمر ، والرزق الواسع . الخَمط : المُر من كل شيء ، ونوع من شجر الأراك . الأثل : الطرفاء لا ثمر له . السِدر : شجر بري يحمل ثمراً يقال له النبق ، يؤكل . القرى التي باركنا فيها : هي قرى بلاد الشام . مزّقناهم كل ممزق : فرقناهم في البلاد . سلطان : تسلُّط . لقد كان لأهل سبأ في مسكنهم بالمين علامة دالة على قدرتنا … كان لهم حديقتان واسعتان تحفّان ببلدهم عن اليمين والشمال ، وقد أرسل الله اليهم الرسل تأمرهم ان يأكلوا من رزق ربهم ويشكروه على هذه النعم الجليلة ، ففعلوا الى حين . ثم إنهم اعرضوا ، فعاقبهم الله بإرسال سيل العرِم عليهم ، فهدم السدَّ وخرّبه وذهب بالجنتين والبساتين ، واهلك الحرثَ والنسل ، وبدلهم بجنتيهم المثمرتين بساتين فيها من الشجر البرّي الذي لا ثمر له ، وشيئاً قليلاً من السدر يثمر النبق لا غناء فيه . ذلك هو الجزاء الذي جازاهم اياه الله بكفرهم النعمة وعدم شكرها { وَهَلْ نُجْزِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ } . كان سد مأرب من أعظم السدود التي تجمع المياه في اليمن ، وكان يسقي مساحة كبيرة قدرها المؤرخون والخبراء بنحو ثلاثمئة ميل مربع . وكانت مدينة مأرب أغنى المدن القديمة في جنوب شبه الجزيرة العربية ومن أهم المراكز لحضارةٍ وثقافة قديمتين ، يرجع تاريخهما الى ما قبل ثلاثة آلاف عام مضت . وكانت محطةَ استراحة لرحلات طويلة لقوافل التصدير التي كانت تنقل المنتجاتِ الزراعيةَ والصناعية كالبخور واللبان والدارصيني والمُرّ والقرنفل والبلسم وسائر العطور ، وكذا الصمغ والقرفة ثم الاحجار الكريمة ، والمعادن … وعلى مسافة كيلومترين الى الجنوب من مدينة مأرب يقول احد روائع الفن اليمني القديم وهو معبد " المقه " ، ومعناه في لغة سبأ " الإله القمر " ، ويطلق عليه المؤرخون : عرش بلقيس . وهو بناء ضخم على شكل مثلث لا يزال محتفظا برونقه الزاهي ومظهره المصقول ، ويبلغ قُطره نحو الف قدم ، ولا تزال بعض أعمدته قائمة حتى اليوم . ولا تزال آثار السد باقيةً الى الآن ، ويرجع تاريخ بنائه الى ما قبل 2700 عام ، وقد بناه سبأ الأكبر حفيد جد العرب : يعرب بن قحطان . " ملخص عن اليمن عبر التاريخ " . { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا … } وجعلنا بين مسكنهم باليمن والقرى التي باركنا فيها قرىً متقاربة متراصّة ، وكانوا في نعمة وغبطة عيش هنيء في بلاد مرضيّة مع كثرة اشجارها وزروعها وخيراتها ، حتى إن المسافر لا يحتاج الى حملِ زادٍ ولا ماء ، حيث نَزَلَ وجَدَ ماء وثمرا ، وقلنا لهم : { سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ } متمتعين بهذه النعم . فبطروا وملّوا تلك النعم . { فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } اذ عرّضوها للسخط والعذاب ، بنكران النعمة وعدم الوفاء بشكرها ، فجعلناهم احاديث للناس ، وفرقناهم مشتتين في البلاد حتى صار يضرب بهم المثل فيقال : " تفرّقوا أيدي سبأ " أي : متفرقين كأهل سبأ ، وأيدي : تعني طُرقا ، ومن معاني اليد : الطريق . ونزلت قبيلة غسان في حوران وأنشأت دولة الغساسنة ، وكانت عاصمتهم بُصرى ، وعدد ملوكهم 32 ملكا أولهم جفنة بن عمرو وآخرهم جَبَلَة بن الأيهم . " اولاد جفنة بالزمان الأول " . ونزلت قبيلة لَخْم في الحِيرة من ارض العراق واقامت دولة المناذرة . ونزلت قبيلة كِندة في نجد ، وبعضهم ذهب الى حضرموت ، واسسوا دويلات اليمن عبر التاريخ . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } ان فيما حلّ بهؤلاء من النقمة والعذاب عظاتٍ لكل صبّار على البلاء ، شكور على النعم والعطاء . { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ولقد حقق ابليس ظنه عليهم فأطاعه من كفر ، وعصاه قليل من المؤمنين ، فبقوا في بلادهم آمنين . { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } . ما كان لإبليسَ عليهم من سلطة وقوة يخضعهم بها ، ولكن الله امتحنَهم ليَظْهَرَ من يصدّق بالآخرة ممن هو في شك منها ، وربك ايها الرسول حفيظٌ على كل شيء ، لا يعزُب عن علمه صغير ولا كبير . قراءات : قرأ ابو عمرو : ذواتَي أكلِ خمطٍ بالاضافة . الباقون : ذواتي أكلٍ خمط بالتنوين . قرأ حمزة ويعقوب والكسائي وحفص : هل نجازي الا الكفورَ ، نجازي بالنون ، وبنصب الكفور . والباقون : هل يجازى الا الكفورُ ، يجازى بالياء مبني للمجهول والكفور مرفوع . وقرأ أبوعمرو وابن كثير وهشام : ربنا بعّد بين اسفارنا ، وقرأ يعقوب : باعدَ فعل ماضي ، والباقون : باعدْ بين اسفارنا . وقرأ اهل الكوفة : ولقد صدّق ابليس : بتشديد الدال المفتوحة ، والباقون : صدَق بفتح الدال من غير تشديد .