Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 11-11)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بعد ان ذكر حكم الميراث مجملا ، بين هذه الآية والتي بعدها والأخرى التي في آخر السورة { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ … } أحكام الميراث الكبرى ، وبقي هناك بعض الفرائض تكفّلت بها السنَّة واجتهاد الأئمة . كانت أسباب الميراث في الجاهلية ثلاثة : ( 1 ) النسب : وهو لا يكون الا للرجال الذين يركبون الخيل ويقاتلون العدو ، وليس للمرأة والأطفال ميراث . ( 2 ) التبني : كان الرجل يتبنى ولدا من الأولاد فيكون له الميراث كاملا . ( 3 ) الحلف والعهد : فقد كان الرجل يحالف رجلاً آخر ويقول له : دمي دمُك ، وهدمي هدمك ، وترثني ، وأرثك ، وتُطلب بي وأُطلب بك . فاذا فعلا ذلك يرث الحي منهم الميت . ومعنى هدْمي هدْمك ( ويجوز فتح الدال ) : إن طُلب دمك فقد طلب دمي . فلما جاء الاسلام أقرّ الاول والثالث فقط ، وجعل الميراث للصغير والكبير على حد سواء ، وورّث المرأة . وقد أقر الثالث بقوله تعالى : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } ، كما أبطل التبني بحكم { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } . فنظام الميراث الذي بينه القرآن نظام عادل معقول ، اعترف بذلك عظماء علماء القانون في أوروبا . وقد ابتع فيه الإسلام النظم الآتية : ( 1 ) جعل التوريث بتنظيم الشارع لا بإرادة المالك . وجعل للمالك حرية الوصية من ثلث ماله ، وفي ذلك عدالة عظمى ، وتوزيع مستقيم . ( 2 ) جعل للشارع توزيع بقية الثلثين للأقرب فالأقرب ، من غير تفرقةٍ بين صغير وكبير ، فكان الأولاد أكثر حظاً من غيرهم في الميراث ، لأنهم امتداد لشخص المالك . ويشاركهم في ذلك الأبوان والجدة والجد ، لكن نصيبهم أقل من الأولاد . وذلك لأن الأولاد محتاجون أكثر من الأبوين والجدّين … فهم مقبلون على الحياة ، فيما الآباء و الأجداد مدْبرون عنها . وتلك حكمة بالغة . ( 3 ) جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل ، ليحفظ التوازن بين أعباء الرجل وأعباء الأنثى في التكوين العائلي . فالرجل يتزوج امرأة ويكلَّف بإعالتها هي وأبنائها منه ، كما أنه مكلف ايضا باخوانه ووالدته وغيرهما من الأرحام . أما المرأة فانها تقوم بنفسها فقط . والقاعدة تقول : " الغُنم بالغرم " ، ومن ثم يبدو التناسق في التكوين العائلي والتوزيع الحكيم في النظام الاسلامي . ( 4 ) يتجه الشرع الاسلامي في توزيعه للتركة الى التوزيع ون التجميع ، فهو لم يجعلها للولد البكر كما في النظام الانجليزي ، ولا من نصيب الأولاد دون البنات ، ولم يحرم أحداً من الأقارب ، فالميراث في الاسلام يمتد الى ما يقارب القبيلة . وقاعدته : الأقربُ فالأقرب . وقد كرّم المرأة فورّثها وحفظ حقوقها . ثم انه لم يمنع قرابة المرأة من الميراث ، بل ورّث القرابة التي يكون من جانبها ، كما ورث التي تكون من جانب الأب ، فالأخوة والأخوات لأمٍ يأخذون عندما يأخذ الاشقاء . وفي بعض الحالات يأخذ أولاد الأخ ويأخذ الإخوة والأخوات . وهذا تكريم للأمومة لا شك فيه واعتراف بقرابتها . التفسير : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلاَدِكُمْ … } الآية يأمركم الله تعالى في شأن توريث أولادكم ان يكون : للذَّكر مثلُ حظ الانثَيين . واذا كان المولود انثى واحدة فنصيبها النصف ، والباقي لأقارب المتوفى ، واذا انعدم الأقارب رُدَّت التركة الى بيت المسلمين . واذا كانت الوارثات بنتَين فأكثر فمن حقهن ان يأخذن ثلثي التركة ، ويكون الباقي للأقارب أو بيت المال . ولا يرث الكافر ، ولا القاتل عمدا ، ولا العبد الرقيق . وعند الشيعة الامامية : تأخذ البنت أو البنتان فأكثر جميع التركة ، ونصيب كل من الأبوين السدس اذا كان الميت له ولد . واذا كان لم يخلّف الميت أولادا وورثه أبواه أخذت الأم الثلث وكان الباقي للأب . واذا مات الميت وترك أباً وأماً وعددا من الاخوة فلأُمه السدس والباقي للأب ، اذ ان الاخوة يحجبون الأم وينقصون ميراثها ولا يرثون . وقال ابن عباس : يأخذون السدس ، ولكن هذا مخالف للجمهور . وكل هذه القسمة من بعد تنفيذ الوصية اذا أوصى الفقيد ، ومن بعد سداد الدَّين اذا وُجد ، والدَّين مقدَّم على الوصية بإجماع العلماء . هذه فريضة من الله يجب اتباعها ، اما أنتم فلا تدرون اي الفريقين أقرب لكم نفعاً : آباؤكم أو أبناؤكم ، فلا تحرموا أحدا ممن له نصيب من التركة . فالله هو العليم بمصالحكم الحكيم فيما فرض عليكم . قراءات : قرأ حمزة والسكائي " فلإِمه " بكسر الهمزة . وهي الآن لغة بعض البلاد الشامية . وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر " يوصى " بفتح الصاد .