Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 58-58)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأمانة : الشيء الذي يُحفظ بنيّةِ أن يؤدَّى الى صاحبه ، والأمانات ، كل ما يؤتمن عليه المرء من مال ، أو عهد ، أو عقد ، او سر ، أو ما أشبه ذلك . العدل : ايصال الحق الى صاحبه . بعد ان بيّن الله سبحانه الإرشادات الحكيمة التي يجب على الأمة ان تتخذها أساساً للحياة فيها ذكر هنا ما يجب أن يؤسَّس عليه شأن الجماعة الاسلامية ، فقرر أمرين لهما خطرهما في ذلك . وهما : أداء الامانات الى أهلها ، والحكم بالعدل بين الناس ، وكأنه يشير بهذا الى أن الانتفاع بالارشادات المتقدمة في الأُسرة والأموال لا يتحقق الا على " أداء الامانة " و " العدل " . والأماناتُ كلمة عامة تشمل جميع الحقوق من مالية , وعملية ، وعلمية ، والحُكم بالعدل فيها هو القضاء بتلك الأمانات عند تعرضها للضياع . اما الحكم بالعدل عامة فيشمل ما كان عن طريق التولية ، وما كان عن طريق التحكيم ، كما يشمل ما بين المسلمين أنفسهم ، وما بينهم وبين غيرهم . وقد كثُر الحثّ في القرآن على العدل لأنه أساس الحياة . وعناصر العدل في الحكم هي فهمُ الحادثة من جميع جوانبها ، ثم معرفة الحكم من مصدره التشريعي ثم تحرّي انطباق الحكْم على الحادثة . كل ذلك مع التسوية بين الخصوم في مجلس القضاء . { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } خطاب عام لجميع الناس وفي مقدّمتهم المؤمنون . وقد وردت عدة أحاديث في نزول هذه الآية منها قضية عثمان بن طلحة ووجوب ردِّ مفتاح الكعبة إليه . لكن ، العبرةُ بعموم اللفظ . والمعنى : أيها المؤمنون ، ان الله يأمركم ان توصلوا جميع ما أنتم مؤتمنون من الله عليه ، وهو نفوسكم أولاً ، وذلك بأن تؤمنوا به إيمانا حقيقيا ، تطيعوا أوامره وتتجنبوا نواهيه ، وتعملوا عملاً صالحا يرضاه . هذه هي الأمانة الكبرى التي كُلّف الانسان بحملها وتقاعست عن ذلك الجبال … ومنها تنبثقُ سائر الأمانات التي يأمر الله بها أن تؤدَّى . ثم امانةُ العبد مع الناس . ومن ذلك ردُّ الودائع الى أربابها ، وعدم الغش ، وحِفظ السر ونحو ذلك مما يجب للأهل والأقربين وعامة الناس والحكام . يدخل في ذلك عدل الحاكمين مع الرعية ، بألاّ يستأثروا بثرواتها ، ولا يتحكموا في رقابها ، وان يختاروا خير الناس لتولّي شئونهم . كما يدخل عدلُ العلماء مع الناس بأن يرشدوهم الى دينهم الصحيح ، ويعلّموهم الأعمال التي تنفعهم في دنياهم وأخراهم من أمور التربية وكسب الحلال ، لا أن يتخذوا الدينَ تجارة يبيعون منه القراريط لقاء رضا الحكام وملء جيوبهم هم . ويدخل فيها كذلك أمانة الرجل مع زوجته في النفقة والعشرة ، ومع أولاده وسائر أهل بيته المسئول عنهم . ثمّ يدخل عدل الانسان مع نفسه بأن يختار لها ما هو الأصلح فلا يُقدم على عمل يضرّه في دنياه أو آخرته ، ويتجنب تعاطي الأشياء التي تضر بصحته ويبتعد ما أمكن عن جميع المغريات . { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ } . هذا نص مطلق شامل ، فإنه سبحانه يطلب منا إقامة العدل بين الناس جميعاً على اختلاف أديانهم وطبقاتهم ، لا بين المسلمين فحسب … لأن العدل هو أساس انتظام الحياة ، وعلى ذلك فهو حق لكل إنسان من أي دينٍ او جنس او لون . هذا هو دستور الاسلام العظيم لا التستر على التمييز العنصري ولا تسخير الدين في خِدمة الحكام . { إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ } هذه موعظة من ربكم فاحرصوا عليها لأنه لا يوجد أحسن منها ، ان الله دائماً سميع لما يقال ، بصير بما يُفعل ، وهو يعلم من أدّى الامانة ومن خانها ، ومن حكَم بالعدل أو جار ، فيجازي كلاًّ بعمله . وفي هذا وعد للطائعين ، ووعيد للعاصين .