Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 56-63)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بغير سلطان : بغير دليل ولا حجة . ادعوني : اسألوني . داخرين : صاغرين ، أذلاء . لتسكنوا فيه : لتستريحوا فيه . تؤفكون : تصرَفون عن الحق . اعلم يا محمد ان الذين يجادلونك في دين الله بغير حجّةٍ او برهان يعلمونه إنما يدفعهم الى ذلك ما يجدونه في صدورهم من الكيد والحسد ، وعنادُهم وطمعهم في ان يغلبوك . { مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ } وما هم ببالغي إرادتهم ، ولن يصِلوا الى ذلك ابدا . ثم امر رسوله ان يستعيذ من هؤلاء المجادلين المستكبرين بقوله : { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } الجأ الى الله واستعنْ به فهو السميع لاقوالهم ، البصيرُ بأفعالهم . ثم بين الله تعالى للناس وضعهم في هذا الكون الكبير ، وضآلتهم بالقياس الى بعض خلْق الله حتى يعلموا حقيقتهم ، فيقول : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } هذا ما يفهمه أصحاب العقول المدركة ، فان إعادة خلْق الانسان أهونُ بكثير من ابتداء خلقه ، ومن خلْق هذا الكونِ العجيب . ان قدرةَ الله لا تُحَدّ ، فاين الانسان من هذا الكون الهائل ؟ . ليس يستوي الأعمى عن الحق والبصير العارف به ، ولا يستوي المؤمن العامل بإيمانه والمسيء في عقيدته وعمله ، ذلك أن المؤمنين ابصروا وعرفوا فهم يحسنون التقدير ، اما الأعمى بجهله فهو يسيء كل شيء . { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } وما أقلّ ما تتذكرون . وبعد أن قرر الدليل على إمكان وجود يوم القيامة والبعث ، أخبر بأنه واقع لا محالة : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } فآمنوا بها أيها الناس تفوزوا ، وأطيعوا ربكم اذ أمركم أن تسألوه ، فانه قريب يجيب دعاءكم ويعطيكم . أما الذين يتكبرون عن عبادة الخالق فجزاؤهم جهنّم يدخلونها صاغرين . ثم شرع الله يبين بعض نعمه على الناس ، وهي تُظهر عظمته تعالى ، لكنهم لا يشكرون عليها فقال : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } من أكبرِ النعم على الناس ان الله جعل لهم الليلَ ليستريحوا فيه من العمل ، والنهارَ مضيئا ليعملوا فيه ويكسبوا رزقهم ، والله هو المتفضل عليهم بالنعم التي لا تحصى . { وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } هذه النعم ، ولا يعترفون بها . { نَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } الآية [ إبراهيم : 34 ] . ثم بين الله كمالَ قدرته وانه الاله الواحد فقال : { ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ رَبُّـكُمْ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } ذلكم الذي انعم عليكم بهذه النعم الجليلة هو الله خالق هذا الكون وما فيه ، الإله الواحد المنفرد في الألوهية . { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } فإلى اي جهة تُصرفون عن عبادته الى عبادة غيره ! . ثم ذكر ان هؤلاء الجاحدين ليسوا ببدعٍ في الأمم قبلهم ، فقد سبقهم الى هذا جحود خلق كثير فقال : { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } فكما ضلّ هؤلاء بعبادة غير الله ضل الذين قبلهم بلا دليل ولا برهان . قراءات : قرأ أهل الكوفة : تتذكرون بتاءَين ، والباقون : يتذكرون بالياء . وقرأ ابن كثير ورويس سيدخَلون : بضم الياء وفتح الخاء . والباقون : سيدخُلون بفتح الياء وضم الخاء .