Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 64-68)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرارا : مستقرا تستقرون عليها . بناء : مبنية بنظام لا يختل . فتبارك : فتقدّس وتنزه . طِفلاً : يعني اطفالا ، لأنه يطلق على المفرد والجمع . في هذه الآيات يؤكد الله تعالى حقيقة الوحدانية ، كما يؤكد على حقيقة ألوهيته وربوبيته . فالله وحده هو الذي جعل لنا هذه الأرض لنستقر عليها ، وجعل السماء بناءً محفوظا زيّنه بهذه النجوم والكواكب التي نراها . ولقد خلقَ الانسانَ فأبدع تصويره ، وجعله في احسن تقويم { وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } المباحةِ ما يلذّ لكم ، { فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } ، الذي يخلق ويقدّر ويدبّر . وهو الذي لا تنبغي الألوهية إلاّ له ، ولا تصلح الربوبية لغيره ، بما انه المنفرد بالحياة : { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } فادعوه باخلاص الدين له ، واحمدوه في الدعاء والثناء لأنه مالكُ هذا الكون بما فيه . وبعد ان اثبت سبحانه لنفسه صفاتِ الجلال والكمال ، أمر رسولَه الكريم أنه منهيٌّ عن عبادة غيره مما يَدْعون … قل لهم ايها الرسول : إني نُهيت عن عبادة الآلهة التي تعبدونها من دون الله { لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي } وأُمرت ان أنقاد في كل اموري لله رب هذا الكون كله . ثم يستعرض آية من آيات الله في انفسهم بعدما استعرض آياته في هذا الكون العجيب ، وهذه الآية هي الحياة الانسانية واطوارها العجيبة فيقول : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ … } رتّب الله سبحانه تطور حياة الانسان في ثلاث مراتب : الطفولة ، وبلوغ الأشُدّ في الشباب والكهولة ، والشيخوخة . ومن الناس من يُتوفى قبل سن الشباب ، او الشيخوخة . والله يفعل ذلك لتبلغوا الأجل المسمى وهو يوم القيامة ، ولتعقِلوا ما في التنقل في هذه الأطوار المختلفة من فنون العبر والحكم . ثم بعد هذه الأدلة على وجود الاله القادر ، يعقب عليها بعرض حقيقة الإحياء والإماتة ، وحقيقة الخلق والانشاء جميعا : { هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } وتكثر الاشارة في القرآن الكريم الى آيتي الحياة والموت ، لأنهما تلمسان قلب الانسان بشدّة وعمق ، فالحياة ألوان ، والموت ألوان ، منها رؤية الأرض الميتة ثم رؤيتها مخضرة بألوان النبات والزهور ، وكذلك رؤية الاشجار وهي جافة ثم رؤيتها والحياة تنبثق منها في كل موضع ، وتخضر وتورق وتزهر ، وغيرها وغيرها . وعكس هذه الرحلة من الحياة الى الموت ، كالرحلة من الموت الى الحياة ، الى حقيقة الانشاء وأداة الابداع ، وهو في ذلك كله كما يقول : { فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } بلا معاناة ، ولا توقف { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [ المؤمنون : 14 ] .