Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 51-53)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وحيا : كلاماً خفيا . من وراء حجاب : يُسمع ولا يُرى . روحاً من أمرنا : ان هذا القرآن روحٌ تحيا به القلوب ، وتتغذى به الأنفس . نوراً نهدي به : الناسَ الى الصراط المستقيم . بعد ان بين تعالى النعم الحسيّة التي يعيش بها الناس ، بيّن هنا النعمَ الروحية التي تحيا بها القلوب ، وتعمرُ الأنفس ، وبيّن أن الناس محجوبون عن ربّهم ، لأنهم في عالم المادة وهو منزَّهٌ عنها ، ولكن من رقَّ حجابُه ، وخَلَصَت نفسُه من شوائب المادة ، فانه يستطيع ان يتصل بالملأ الأعلى ، وان يسمع كلام ربّه بأحد الأوجه الآتية : 1 - ان يحسّ بمعان تُلقى في قلبه ، او يرى رؤيا صادقة كرؤيا الخليل إبراهيم بانه يذبح ولده … ورؤيا الأنبياء وحي . 2 - ان يسمع كلاماً من وراء حجاب كما سمع موسى عليه السلام من غير ان يبصر من يكلّمه ، فقد سمع كلاما ولم ير المتكلم . 3 - ان يرسل الله مَلَكا فيوحي الى النبيّ ما كلّف به . ثم ذكر الله تعالى انه كما أوحى الى الانبياء قبل محمد فقد اوحى اليه القرآن الكريم ، وما كان محمد قبل ذلك يعلم ما هو القرآن وما الشرائع التي بها هدايةُ البشر وصلاحُهم في الدارَين . ثم خاطبه بهذه العبارة اللطيفة ، { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . ثم فسّر ذلك الصراطَ بقوله تعالى : { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } خلقاً وتدبيراً وتصرفا . وفي الختام كل شيء ينتهي اليه ، ويلتقي عنده ، وهو يقضي فيها بأمره { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } . وهكذا تنتهي هذه السورة الكريمة بالحديث الذي بدأت به عن الوحي ، والذي كان محورها الرئيسي ، وقد عالجت قصةَ الوحي منذ النبوّات الأولى ، لتقرر وحدة الدين ووحدة الطريق ، ولتعلن القيادةَ الجديدة للبشريّة ممثلة برسالة سيد الوجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن يتبعه من المؤمنين الصادقين ، ليقودوا الناس الى صراط الله المستقيم .