Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 57-66)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يصدّون : يصيحون ويضجّون . جدلا : خصومة بالباطل . خَصِمون : شديدون في الخصومة ، ومجبولون على اللجاج وسوء الخلق . وجعلناهم مثلاً لبني اسرائيل : آية وأمراً عجيبا . لعلمٌ للساعة : علامة من اشراطها . فلا تمترنّ : فلا تشكّن . البينات : المعجزات . الحكمة : الشرائع المحكمة . لقد جادل مشركو قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم جدلا كثيرا ، من ذلك ان الرسول الكريم لما تلا عليهم : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] قال له عبدُ الله بن الزِبِعْرَي - وهو من شعراء قريش وقد أَسلمَ وحسُنَ إسلامه فيما بعد - : أليس النصارى يعبدون المسيح وأنتَ تقول كان عيسى نبياً صالحاً ، فان كان في النار فقد رضينا . فأنزل الله تعالى بعد ذلك : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } [ الأنبياء : 101 ] . وجادلوه بعد ذلك كثيرا ، ولذلك يقول الله تعالى : { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } لما بين الله وَصْفَ عيسى الحقَّ من أنه عبدٌ مخلوق ، وعبادتُه كفرٌ ، إذا قومك أيها النبي يُعرِضون عن كل هذا . فقال الكافرون : أآلهتنا خيرٌ أم عيسى ؟ فإذا كان عيسى في النار فلنكنْ نحنُ وآلهتنا معه … وما ضرب الكفار لك هذا المثَلَ الا للجدل والغلبة في القول لا لإظهار الحق . { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } إنهم قوم شديدون في الخصومة ، مجبولون على العَنَتِ والعناد . ثم بين الله تعالى ان عيسى عبدٌ من عبيده الذين أنعم عليهم فقال : { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } وما عيسى ابن مريم إلا عبدٌ أنعمنا عليه بالنبوّة ، وقد جعلناه آيةً بأن خلقناه من غير أبٍ كَمَثَلِ آدم خَلَقَه الله من تراب . ولو نشاء لجعلْنا في الأرض عجائب كأمرِ عيسى كأن نجعل لبعضكم أولاداً ملائكة يخلفونهم ، كما خلقنا عيسى من غير اب . والحق أن عيسى بحدوثه من غير أب لدليلٌ على قيام الساعة ، { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } واتبعوا هداي وهُدى رسولي ، فما أدعوكم اليه هو الصراط المستقيم . ويقول بعض المفسّرين ، وان القرآن الكريم ليعلِمُكم بقيام الساعة فاتَّبعوا تعاليمه ، ولا تتبعوا زيغ الشيطان انه لكم عدوٌّ ظاهر . ولما جاء عيسى رسولاً الى بني اسرائيل ومعه الآيات الدالة على رسالته ، قال لقومه : قد جئتكم بشريعةٍ حكيمة تدعوكم الى التوحيد ، وجئتكم لأبيّن لكم بعضَ الذي تختلفون فيه من أمر الدين ، فاتقوا الله في مخالفتي ، وأطيعوني فيما أدعوكم اليه . ان الله هو خالقي وخالقكم فاعبدوه وحده ، وحافِظوا على شريعته ، فهي الطريق الموصل الى النجاة . ولكنهم خالفوا ما دعاهم اليه ، واخلتفوا ، وصاروا شِيعا وفرقاً لا حصر لها . { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } هو يوم القيامة ، حين يحاسَبون على كل صغيرة وكبيرة . هل ينتظر هؤلاء الاحزاب المختلفون في شأن عيسى الا ان تقوم الساعةُ بغتةً وهم غافلون عنها ! ؟ قراءات : قرأ الكسائي ونافع وابن عامر : يصُدون بضم الصاد . والباقون : بكسرها .