Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 13-18)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الشعوب : جمع شعب وهو الحيّ العظيم المنتسب الى أصل واحد كربيعة ومُضَر ، والقبيلة دونه ، وسُمي الشَعب شَعباً لتشعب القبائل منه كتشعب الاغصان من الشجرة . الأعراب : سكان البادية . آمنا : صدّقنا بما جئت به من الشرائع ، فالايمان هو التصديق بالقلب . اسلمنا : انقدْنا لك ونطقنا بالشهادتين وعملنا بما تأمرنا به . لا يَلِتْكم : لا ينقصكم . يمنّون عليك أن أسلموا : يذكرون ذلك ذِكر من اصطنع لك صنيعة ، واسدى اليك معروفا . بعد ان أدّب الله تعالى المؤمنين بالآداب الرفيعة بيّن هنا ان الناسَ جميعاً من أبٍ واحد وأمٍ واحدة ، فكيف يسخَر الأخ من اخيه او يغتابه او يظلمه ! ؟ وبين للناس ان القرآن يدعو الى أمةٍ انسانية واحدة ، وعالمٍ واحدٍ يسوده العدل والمحبة ، واعلن هنا حقوقَ الانسان بصرف النظرِ عن لونه وجنسه ، فالناس إخوة في النسَب ، كرامتُهم محفوظة ، والانسان مخلوق الله المختار ، وهو خليفته في الارض . يا أيها الناس : إنّا خلقناكم متساوين من اصلٍ واحد هو آدم وحواء ، وجعلناكم جموعا عظيمة ، شعوباً وقبائل متعددة ، لتتعارفوا وتتعاونوا على ما فيه خيرُكم وصلاحكم ، إن أكرَمَكُم عند الله وأرفعَكم منزلة في الدنيا والآخرة هو اتقاكم له وأنفعكم لخلْقِه ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } بكم وباعمالكم وبباطن احوالكم ، فاجعلوا التقوى زادَكم لمعادِكم . ثم بعد ان بيّن الله لنا أن الناس جميعاً إخوة لأمٍ وأبٍ وحثّنا على التقوى والعمل الصالح ، بين هنا ان الإيمان وحده لا يكفي ، والايمانُ هو التصديق بالقلب ، وان الاسلام هو التصديقُ والطاعة الظاهرة بأداء الواجبات واجتناب النواهي . وكان في زمن الرسول الكريم أناسٌ من الاعراب في إيمانهم ضَعف ، وقلوبهم مشغولة تريد المغانم وعرض الدنيا . فقال الله تعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا … } قالت الأعراب بألسنتهم : آمنا ، فقل لهم يا محمد : إنكم لم تؤمنوا ، لأن قلوبكم لم تصدّق ما نطقتم به ، ولكن قولوا أسلمنا وانقدنا ظاهراً لرسالتك ، لأن الإيمان لم يدخل في قلوبكم بعد . وإن تطيعوا اللهَ ورسوله صادقين لا يَنقصُكم الله من ثواب اعمالكم شيئا . ثم يؤكد الله رحمته ولطفه بعباده فيقول : { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } سَتّارٌ للهفوات غفارٌ للزلات ، فسارِعوا الى التوبة . ثم بين الله تعالى حقيقة الايمان بقوله : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } . المؤمنون حقاً هم الذين صدّقوا ولا تشوبهم الريبة في عقائدهم ، ويبذلون النفسَ والنفيس لإحقاقِ الحق وإزهاق الباطل ، أولئك هم الصادقون . قل لهم يا محمد : اتخبرون الله بأن يصدقكم ، واللهُ وحده يعلم ما في قلوبكم ، ويعلم كلَّ ما في السماوات والأرض ، { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } يعدون إسلامَهم ومتابعتهم لك منةً يطلبون منك أجرَها . . فقد قال بعضهم : جئناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان . { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } بل الله تعالى هو الذي يمنّ عليكم إذ هداكم الى الايمان ، ان كنتم صادقين في دعواكم . ثم اكد الله تعالى الإخبار بعلمه بجميع الكائنات ، وبصَرِه بأعمال المخلوقات ، وختم بذلك هذه السورة الكريمة فقال : { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } فهو يعلم الايمان الصادق ، والكاذب ، ويميز بين الاعمال التي يطلبون بها الدنيا ، والأعمال التي يقصدون بها وجه الله . قراءات : قرأ اهل البصرة : لا يألتكم بالهمزة ، والباقون : لا يَلتكم بلا همزة ، وهما لغتان : ألت يألت ، ولات يليت . واللغتان في القرآن الكريم . ففي سورة الطور { وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ } [ الطور : 21 ] .