Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 59-63)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نقم منه كذا : أنكره عليه وعابه بالقول او الفعل . المثوبة : الجزاء والثواب . الطاغوت : الطغيان ، وهو مجاوزة الحد المشروع . السحت : المحرّم ، والدنيء من المحرمات . بعد النداءات الثلاثة التي مرت { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ … } و { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ … } و { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً … } يتوجّه الخِطاب إلى الرسول ان يواجه أهلَ الكتاب فيسألهم ماذا ينقمون من المسلمين ؟ قل لهم يا محمد : أنتم يا أهل الكتاب ، هل تعيبون علينا شيئا غير إيماننا الصادق بالله وتوحيدِه ، وإيماننا بما أَنزل الله إلينا وسابقينا من رُسُله ، واعتقادنا الجازم أن أكثركم خارجون عن حظيرة الإيمان الصحيح ؟ روى ابن جرير عن ابن عبّاس قال : " أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نفرٌ من اليهود منهم ابو ياسر أخطب ، ورافع بن أبي رافع في جماعة ، فسألوه عمَّن يؤمن به من الرسل فقال : " أومن بالله ما أُنزل الينا ، وما أنزل الى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وما أوتي موسى عيسى وما أوتي النبيّون من ربهم ، لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحنُ له مسلمون " . فلما ذَكر عيسى جحدوا نبّوته وقالوا لا نؤمن بمن آمن به ، فأنزل الله فيهم { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ … } . " قل لهم : ألا أخبرُكم بأعظمِ شرّ في الجزاء عند الله . إنه اذا انصبّ على موقعٍ لعَنَهم الله ، وسخط عليهم ، وطمس على قلوبهم ، فكانوا كالقِردة والخنازير ، وعبدوا الشيطان , أولئك الذين اتّصفوا بما ذُكر من المخازي وشنيع الأمور ، ولا مكانَ لهم في الآخرة إلا النار ، لأنهم أبعدُ الناس عن طريق الحق . ثم بيّن حال المنافقين منهم فقال : { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا } وإذا جاءكم المنافقون ، كذبوا عليكم بقوله : آمنّا ، والحق أنهم قد دخلوا إليكم كافرين ، كما خرجوا من عندكم كافرين . كما جاء في سورة البقرة … { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ … } الآية ، والله أعلَمُ بما يكتمون من النفاق . ثم ذكر في شئونهم ما هو شر مما سلف فقال : { وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ } . وترى أيها الرسول كثيراً من هؤلاء اليهود يسارعون في المعاصي والاعتداء على الناس ، وفي أكْلِ الحرام كالرِشوة والربا . ثم بالغ في تقبيح هذه الأعمال ، فقال { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي واللهِ ، ما أقبح هذا العملَ الذي يعمله هؤلاء من مسارعتهم في كل ما يفسد النفوس ويقوّض نظم المجتمع ! ويل للأمة التي تعيش فيها أمثال هؤلاء ! فهلاّ نهاهم عُلماؤهم وزّهادهم عن أفعالهم القبيحة ! والى هذا أشار الله تعالى بقوله : { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } . هلاّ ينهى الربانيّون ، والأحبار هؤلاء الذين يسارعون فيما ذُكر من المعاصي ! ! ، لبئس ما يصنع أولئك الأحبار حين يرضون ان تُقترف هذه الأوزار والخطايا ويتركون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . روي عن ابن عبّاس أنه قال : ما في القرآن أشدّ توبيخاً من هذه الآية للعلماء إذا قصّروا في الهداية والارشاد ، وتركوا النهي عن الشرور والآثام . وعلى العلماء والحكّام وأولي الأمر أن يعتبروا بهذا السخط على اليهود ، ويعلموا أن هذه موعظةٌ وذكرى لهم . قراءات : قرأ أبو عمرو ونافع والكسائي { مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ } بالجر ، والباقون " والكفار " بالنصب . وقرأ حمزة " عبد الطاغوت " بكسر التاء ، والباقون " عبد الطاغوت " فتح التاء .